المفسدة إلاّ إذا
كانت أرجح منها، فإذا قدّر أن هذا المكان الذي يزعمون أن فيه مصلحة؛ لأن به رجل
صالح، وأنَّ الملائكة تتنزل عنده، أو ما أشبه ذلك، فيقولون: هذا فيه مصلحة،
فنقول: وهناك مفسدة أرجح منها، وهي الشرك والغلّو في هذا القبر.
قوله: «ومن لم تكن
له بصيرة يدرك بها الفساد الناشئ عن الصلاة عندها...» يعني: إذا كان الرجل ليس
عنده إدراك يقارن فيه بين المصالح والمفاسد، فيكفيه أن يقتدي بالرسول صلى الله
عليه وسلم، فالرسول نهى عن الصلاة في هذه الأمكنة وهذه الأزمنة؛ لأنَّ فعلها وسيلة
من وسائل الشرك، فكيف تخالف الرسول؟!
والحاصل: لولا أن المفسدة
غالبة على المصلحة لما نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فلولا أنَّ مفسدة
الصلاة في تلك البقعة - التي يُظن أنها توجب الرحمة - غالبة لما نهى النبي صلى
الله عليه وسلم عن ذلك.
قوله: «كما نهى عن
الصلاة في الأوقات الثلاثة» يعني: عند طلوع الشمس، وعند قيامها في كبد السماء، وعند
غروبها؛ لأن المشركين في هذه الأوقات يسجدون للشمس، والمسلم حين يصلي في هذه
الأوقات، وإن كان يصلي لله وليس للشمس، ولكن مع ذلك نُهي عن الصلاة في هذه الأوقات
لئلا يتشبه بهم.
قوله: «بل كما حرّم الخمر، فإنه لولا أن فسادها غالب...» هذا مثال على غلبة المفسدة، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿يَسَۡٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡخَمۡرِ وَٱلۡمَيۡسِرِۖ قُلۡ فِيهِمَآ إِثۡمٞ كَبِيرٞ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ وَإِثۡمُهُمَآ أَكۡبَرُ مِن نَّفۡعِهِمَاۗ﴾ [البقرة: 219]
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد