×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الرابع

يعني: لأجل الإثم الكبير حرّمت في قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡخَمۡرُ وَٱلۡمَيۡسِرُ وَٱلۡأَنصَابُ وَٱلۡأَزۡلَٰمُ رِجۡسٞ مِّنۡ عَمَلِ ٱلشَّيۡطَٰنِ فَٱجۡتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ [المائدة: 90] فلقد حرمها الله مع أنَّ الخمر والميسر فيهما منفعة، لكنَّ إثمهما أكبر من نفعهما، وهذا على القاعدة أنه: إذا كانت مفسدة الشيء أكثر من مصلحته، فإنه يحرم، مع أن الخمر لما حرمت لم يبق فيها مصلحة؛ وقد سلبها الله سبحانه وتعالى جميع المصالح وصارت مفسدة خالصة، ولهذا لـمّـا سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر تُتخذ دواءً فقال: «أَمَا إِنَّهَا دَاءٌ وَلَيْسَتْ بِدَوَاءٍ» ([1])، فليس فيها مصلحة أبدًا، والمقصود هنا: المقارنة بين المصالح والمفاسد.

قوله: «وكذلك تحريم القطرة منها...» أي: أنَّ الخمر حرام قليله وكثيره؛ لأن ما يُسكِر ويُذْهِب العقل، فقليله حرام؛ لأنه وسيلة إلى شرب الكثير، ولذلك حرّم الله القطرة من الخمر، مع أنها لا تُسكِر، ولكن لأنها تفضي إلى شرب ما يسكر.


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (1984)، وأحمد رقم (18859).