والثالث: أنهم احتجوا
بالمنامات، وهي الرؤى والأحلام، وهذه لا حجّة فيها، فالرؤى لا يؤسس عليها حكم شرعي
بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كانت رؤى صحيحة، فإنه لا يُبنَى عليها حكم
من تحليل أو تحريم أو إيجاب أو استحباب، فالتشريع انتهى بوفاة الرسول صلى الله
عليه وسلم.
قوله: «وجرّب أقوام استجابة
الدعاء عند قبور معروفة...» وهذه شبهة رابعة: وهي التجربة، يقولون: ثبت
بالتجربة أنَّ من دعا عند القبور يُستجاب له، ومن طلب شيئًا ناله، ويقولون: هذا
الأمر قد حصل، فهو دليل على الجواز، نقول: هـذا ليس دليـلاً على الجواز،
فالمقصود بالدعاء عند القبر قد يحصل من باب الاستدراج والفتنة، وقد يحصل بسبب أنه
مقدَّر أن يحصل في هذا الوقت، فحصل، وليس ذلك لأجل القبر، أو لأجل الزمان الذي حضر
فيه، وإنما هذا تابع للقضاء والقدر، أو أنه ابتلاء وامتحان واستدراج لهذا الشخص.
قوله: «وقد أدركنا في أزماننا وما قاربه من ذوي الفضل عند الناس علمًا وعملاً من كان يتحرى الدعاء عندها...» أي: يقولون هذا ليستدلوا به، وهذا مثل قوله تعالى: ﴿إِنَّا وَجَدۡنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰٓ أُمَّةٖ وَإِنَّا عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِم مُّقۡتَدُونَ﴾ [الزخرف: 23] فكل هذه تُرَّهات وأباطيل فالعبادة لا بدّ لها من دليل وبرهان، قال تعالى: ﴿وَتِلۡكَ حُجَّتُنَآ ءَاتَيۡنَٰهَآ إِبۡرَٰهِيمَ عَلَىٰ قَوۡمِهِۦۚ﴾ [الأنعام: 83]، ﴿وَمَن يَدۡعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ لَا بُرۡهَٰنَ لَهُۥ بِهِۦ﴾ [المؤمنون: 117] فلا بدّ من البرهان والحجة من كتاب الله، أو من سنة رسوله، وما عدا ذلك فإنَّ العبادات لا تثبت به، بل تكون بدعًا ومحدثات.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد