قلنا: الذي ذكرنا كراهته لم يُنقل في استحبابه فيما
علمناه شيء ثابت عن القرون الثلاثة التي أثنى النبي صلى الله عليه وسلم عليها حيث
قال: «خَيْرُ أُمَّتِي الْقَرْنُ الَّذِي بُعِثْتُ فِيهِ، ثُمَّ الَّذِينَ
يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» ([1])، مع
شدّة المقتضى عندهم لذلك لو كان فيه فضيلة.
فعدم أمرهم وفعلهم لذلك مع قوّة المقتضي لو كان فيه
فضل يوجب القطع بأن لا فضل فيه.
وأما مَن بعد هؤلاء فأكثر ما يفرض أنَّ الأمّة اختلفت،
فصار كثير من العلماء والصّديقين إلى فعل ذلك، وصار بعضهم إلى النهي عن ذلك، فإنه
لا يمكن أن يقال: اجتمعت الأمة على استحسان ذلك لوجهين:
أحدهما: أن كثيرًا من الأمة كره ذلك، وأنكره قديمًا
وحديثًا.
الثاني: أنه من الممتنع أن تتفق الأمة على استحسان فعل
لو كان حسنًا لفعله المتقدِّمون، ولم يفعلوه.
فإنَّ هذا من باب تناقض الإجماعات، وهي لا تتناقض،
وإذا اختلف فيه المتأخـرون، فالفاصل بينهم هو الكتـاب والسنة، وإجماع المتقدمـين
نصًّا واستنباطًا.
فكيف وهذا - والحمد لله - لا يُنقل هذا عن إمام معروف،
ولا عالم متَّبع.
بل المنقول في ذلك إما أن يكون كذبًا على صاحبه، مثل ما حكى بعضهم عن الشافعي أنه قال: إذا نزلت بي شدّة أجيء فأدعو عند قبر أبي حنيفة رحمه الله فأُجاب، أو كلامًا هذا معناه، وهذا كذب معلوم كذبه بالاضطرار، عند من له أدنى معرفة بالنقل.
****
([1])أخرجه: مسلم رقم (2534)، والطبراني في الكبير رقم (527).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد