أصلين...» مدار بدعهم على أمرين:
إما منقول وإما معقول، فالمنقول ما نقلوه من الحكايات والأخبار عن أسلافهم،
وقولهم: نحن نقتدي بهم ونتبعهم، وهذا الاقتداء والاتباع المزعوم لا يجوز؛ لأنه
اقتداء واتباع بالباطل، كما قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ تَعَالَوۡاْ إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى
ٱلرَّسُولِ قَالُواْ حَسۡبُنَا مَا وَجَدۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ أَوَلَوۡ
كَانَ ءَابَآؤُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ شَيۡٔٗا وَلَا يَهۡتَدُونَ﴾ [المائدة: 104] فالله سبحانه وتعالى ذمَّ من يقلِّد
السّابقين على غير هدى، أما إذا كان المقلَّد على هدى وعلى الطريق الصحيح فلا بأس،
بل إنَّ هذا واجب، قال يوسف عليه السلام: ﴿وَٱتَّبَعۡتُ مِلَّةَ ءَابَآءِيٓ﴾ [يوسف: 38] وأما إذا
كان المقلَّد على ضلال فلا يجوز اتباعه، فهذا هو الجواب عن الحجة الأولى، وهي
اتباع المنقول عمن سبق من غير تبصُّر بما هو عليه، بل هو تقليد أعمى.
وأما احتجاجهم بالمعقول
فيقولون: دعونا الله واستجيب لنا، وحصل الذي كنا نأمل، وهذا دليـل أننـا على حـق، فنقول
لـهم: الجواب من وجوه:
الوجه الأول: أنه ليس الأمـر كذلك، فمجرد الاستجابة لا يدل أنكم على حق، بل قد تكون هذه الاستجابة استدراجًا لكم، وعقوبة لكم لتستمروا على الضلال، وقد تكون صادفت قضاءً وقدرًا قدّره الله سبحانه وتعالى أو أن تكون الإجابة وقعت لأنكم كنتم مضطرين، قد أخلصتم الدعاء كما قال سبحانه: ﴿أَمَّن يُجِيبُ ٱلۡمُضۡطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكۡشِفُ ٱلسُّوٓءَ﴾ [النمل: 62]، وكقوله: ﴿وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فِي ٱلۡبَحۡرِ ضَلَّ مَن تَدۡعُونَ إِلَّآ إِيَّاهُۖ فَلَمَّا نَجَّىٰكُمۡ إِلَى ٱلۡبَرِّ أَعۡرَضۡتُمۡۚ وَكَانَ ٱلۡإِنسَٰنُ كَفُورًا﴾ [الإسراء: 67].
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد