×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الرابع

 ولم يقع عليه المحذور من عدوه، فإنَّ هذا لدِفاع الله عنه، كما قال الله جل وعلا: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ يُدَٰفِعُ عَنِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٖ كَفُورٍ [الحج: 38].

قوله: «فإذا كـان الأثر قد يحصل عقب دعاء لمن قد تيقَّنَّا أنه لم يسمع الدعاء...» يعني: إذا دعا الداعي غير الله وحصل له مقصوده، مع أن المدعو إما غائب، وإما ميت لا يسمع الدعاء، فكيف استجاب له وهو لا يسمعه، فعُلم أن هذا العمل من عمل الشياطين.

قوله: «وإذا قيل: إنَّ الله يفعله بذلك السبب، قيل: إذا كان السبب محرمًا لم يَـجُزْ...» يعني: إذا كان السبب محرمـًا وحصل المقصود، فلا يدل ذلك على أنَّ هذا الأمر جائز، فإنَّ النصارى يدعون غير الله، كوالـدة المسيح، والمشركـون يدعون أوثانهم وأصنامهم، ويستنجدون بها، وقد يحصل لهم مقصودهم من بـاب الاستـدراج لهم، ولو لم يحصل لهم مقصودهم لكان خيرًا لهم، لكن حصول مقصودهم لهم فيه ضرر عليهم، ما دام أنَّ السبب غير مشروع.

قوله: «ويعلم أنَّ الأقسام ثلاثة...» الأول: أمر كوني، والثاني: أمر شرعي، فالأمر الكوني لا بدَّ أن يقع، وأما الأمر الشرعي، فقد يقع وقد لا يقع، كما في قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَإِذَآ أَرَدۡنَآ أَن نُّهۡلِكَ قَرۡيَةً أَمَرۡنَا مُتۡرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيۡهَا ٱلۡقَوۡلُ فَدَمَّرۡنَٰهَا تَدۡمِيرٗا [الإسراء: 16] فهذا الأمر أمر كوني؛ لأن الله سبحانه وتعالى لم يأمر هؤلاء أمر تشريع، وإنما أمرهم أمر تكوين عقوبة، ففيه فرق بين أمر التكوين وأمـر التشريع.


الشرح