×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الرابع

فتارة بأن يسأل ما لا تصلح له مسألته، كما فعل بلعام وثعلبة، وكخلق كثير دعوا بأشياء فحصلت لهم، وكان فيها هلاكهم. 

وتارة بأن يسأل على الوجه الذي لا يحبه الله، كما قال سبحانه: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * [الأعراف: 55]، فهو سبحانه لا يحب المعتدين في صفة الدعاء، ولا في المسؤول، وإن كانت حاجتهم قد تُقضَى.

**** 

 فليس إجابة الدعاء، وحصول المقصود دليلاً على خيرية الداعي، أو على صحة دعوته، فهذه قضية يجب التفطن لها؛ لأنها فتنت كثيرًا من الناس، حيث يتناقل الناس أنَّ فلانًا سأل عند القبر الفلاني فحصل على كذا، وفلان سأل فأُعطِي كذا، وحصل له مقصوده، نقول: ليس هذا دليـلاً على صحـة هـذا العمل، فحصول المقصود لا يدل على صحة السبب، ولا على سلامة الطريقة التي حصّل بها هذا الشيء.

قوله: «فتارة بأن يسأل ما لا تصلح له مسألته كما فعل بلعام...» يعني: أنَّ المعتدين في الدعاء يعتدون في دعائهم ويستجاب لهم، مع أن دعاءهم محرّم، فدلَّ على أنَّ حصول المقصود، وإجابة الدعاء ليست دليلاً على صحة الدعاء، وهذا مما يُرَدُّ به على هؤلاء الذين يحتجون بحصول المقصود دليلاً على صحة ما هم عليه من عبادة ودعاء غير الله، فقد استجيب لبلعام في بني إسرائيل، واستجيب لثعلبة من هذه الأمة، وليس ذلك دليلاً على صحة الدعاء.


الشرح