كأقوام ناجَوْا الله في دعواتهم بمناجـاة فيها جرأة
على الله واعتداء لحدوده، وأُعطوا طُلبتهم فتنة، ولما يشاء الله سبحانه. بل أشد من
ذلك، ألست ترى السحر والطَّلسمات والعين وغير ذلك من المؤثرات في العالم بإذن
الله، قد يقضي الله بها كثيرًا من أغراض النفوس الشريرة! ومع هذا فقد قال سبحانه: ﴿وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتۡلُواْ ٱلشَّيَٰطِينُ عَلَىٰ مُلۡكِ سُلَيۡمَٰنَۖ
وَمَا كَفَرَ سُلَيۡمَٰنُ وَلَٰكِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ
ٱلنَّاسَ ٱلسِّحۡرَ وَمَآ أُنزِلَ عَلَى ٱلۡمَلَكَيۡنِ بِبَابِلَ هَٰرُوتَ
وَمَٰرُوتَۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنۡ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَآ إِنَّمَا نَحۡنُ
فِتۡنَةٞ فَلَا تَكۡفُرۡۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنۡهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِۦ
بَيۡنَ ٱلۡمَرۡءِ وَزَوۡجِهِۦۚ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِۦ مِنۡ أَحَدٍ إِلَّا
بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡۚ وَلَقَدۡ
عَلِمُواْ لَمَنِ ٱشۡتَرَىٰهُ مَا لَهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنۡ خَلَٰقٖۚ وَلَبِئۡسَ مَا شَرَوۡاْ بِهِۦٓ أَنفُسَهُمۡۚ لَوۡ كَانُواْ
يَعۡلَمُونَ ١٠٢ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوۡاْ لَمَثُوبَةٞ مِّنۡ
عِندِ ٱللَّهِ خَيۡرٞۚ لَّوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ﴾ [البقرة: 102-
103] فإنهم معترفون بأنه لا ينفع في الآخرة، وأنَّ صاحبه خاسر في الآخرة،
وإنما يتشبثون بمنفعته في الدنيا. وقد قال تعالى: ﴿وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡۚ﴾.
كذلك أنواع من الداعـين والسائلين قد يدعون دعاء
محرَّمًا يحصل لهم معه ذلك الغرض، ويورثهم ضررًا أعظم منه، وقد يكون الدعاء
مكروهًا ويُستجاب له أيضًا.
ثم هذا التحريم والكراهة قد يعلمه الداعي، وقد لا يعلمه
على وجه لا يعذر فيه لتقصيره في طلب العلم، أو تركه للحق، وقد لا يعلمه على وجه
يعذر فيه، بأن يكون فيه مجتهدًا أو مقلدًا، كالمقلد أو المجتهد اللذين يعذران في
سائر الأعمال.
****