المَخْلُوق، ولا غَضَبُه كَغَضَب المَخْلُوق، وإنَّما
هُمَا صِفَتَان تَلِيقان بِجَلاَلِه سبحانه وتعالى.
وفي الحَدِيث أنَّ الرَّحْمَة سَبَقَت الغَضَب فهو
يُحِبُّ أن يَرْحَم عِبَادَه إذا هُم فَعَلُوا الأَسْبَاب التي تُسَبِّب
الرَّحْمَة، وأمَّا إذا فَعَلُوا مُوجِبَات الغَضَب وَأَسْبَابَه كَالمَعَاصِي
وَالمُخَالَفَات، فإنَّه سُبْحَانَه يَغْضَب عَلَيْهِم، فَالرَّحْمَة لَهَا
أَسْبَاب، وَالغَضَب كَذَلِك، فَالأَعْمَال الصَّالِحَةُ سَبَبٌ لِرَحْمَة اللَّه،
قال تعالى: ﴿إِنَّ
رَحۡمَتَ ٱللَّهِ قَرِيبٞ مِّنَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ﴾
[الأعراف: 56]، وَلِلغَضَب أَسْبَابُه كالكُفْر وَالشِّرْك وَالمَعَاصِي، فَإِن
ذلك كُلَّه مِمَّا يُغْضِب الله جل وعلا.
وفي الحَدِيث كَذَلِك بَيَانُ أنَّ الله يُحِبُّ أن يَرْحَم عِبَادَه، ولا يُحِبُّ أن يُعَذِّبَهُم، وهذا من فَضْلِه وَكَرَمِه سُبْحَانَه على عِبَادِه، إلاَّ إذا تَرَكُوا أَسْبَاب الرَّحْمَة وَفَعَلُوا أَسْبَاب الغَضَب، فهم الَّذِين جَنَوا على أَنْفُسِهِم، وهو لا يُعَذِّب أحدًا وهو ظَالِمٌ له، أو بِدُون سَبَبٍ، وإنَّما يُعَذِّب على أَسْبَاب تَقْتَضِي الغَضَب منه سبحانه وتعالى، وهي الكُفْر وَالشِّرْكُ وَالنِّفَاقُ وَالمَعَاصِي، وَلَكِنَّ الله يُحِبُّ أن يَعْفُو وَأَن يَغْفِر إذا ما تَاب العِبَاد إلَيْه وَأَنَابُوا وَاسْتَغْفَرُوا، فإنَّه سبحانه وتعالى يَقْبَل تَوْبَتَهُم وَيَغْفِر ذُنُوبِهِم، وهذا أَحَبُّ إلَيْه سبحانه وتعالى، لأَنَّه عَفُوٌ يُحِبُّ العَفْو، كما جَاء في دُعَاء النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ إنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفْوَ» ([1])، وهذا من كَرَمِه وَجُودِه جل وعلا، وَإِلاَّ فهو ليس بحاجةٍ إلى عِبَادِه، بل هُمُ الْمُحْتَاجُون إلَيْه سبحانه وتعالى، وهو يُحِبُّ لهم
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (3513)، وابن ماجه رقم (3850)، وأحمد رقم (25384).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد