×
شرح أصول الإيمان

ولَهُمَا عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «جَعَلَ اللهُ الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةَ وَتِسْعِيْنَ جُزْءًا، وَأَنْزَلَ فِي الأَْرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا، فَمِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ تَتَرَاحَمُ الخَلاَئِقُ حَتَّى تَرْفَعُ الدَّابَّةُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيْبَهُ» ([1]).

****

ما يُصلحهم، وَيُحِبُّ أن يَتُوب عَلَيْهِم وَيَغْفِرَ لهم وَيُنْعِمَهُم بِالجَنَّة إذا هُم تَقَرَّبُوا وَتَابُوا إلَيْه وَاسْتَغْفِرُوه؛ ولذلك حَثَّ عِبَادَه على التَّوْبَة وَالاِسْتِغْفَارِ، ونَهَاهُم عن المَعَاصِي وَأَمَرَهُم بِالطَّاعَات، وكُلُّ ذلك من لُطْفِه سبحانه وتعالى ومن مَحَبَّتِه لِلمَغْفِرَة وَلِلعَفْو، وهو من صِفَاتِه تَعَالَى العَظِيمَةِ.

هذا حَدِيثٌ عَظِيمٌ فيه بَيَان سَعَة رَحْمَة الله سبحانه وتعالى كما قال في كتَابه الكَرِيمِ: ﴿۞وَٱكۡتُبۡ لَنَا فِي هَٰذِهِ ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٗ وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِنَّا هُدۡنَآ إِلَيۡكَۚ قَالَ عَذَابِيٓ أُصِيبُ بِهِۦ مَنۡ أَشَآءُۖ وَرَحۡمَتِي وَسِعَتۡ كُلَّ شَيۡءٖۚ فَسَأَكۡتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلَّذِينَ هُم بِ‍َٔايَٰتِنَا يُؤۡمِنُونَ ١٥٦ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِيَّ ٱلۡأُمِّيَّ ٱلَّذِي يَجِدُونَهُۥ مَكۡتُوبًا عِندَهُمۡ فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِيلِ يَأۡمُرُهُم بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَىٰهُمۡ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡخَبَٰٓئِثَ وَيَضَعُ عَنۡهُمۡ إِصۡرَهُمۡ وَٱلۡأَغۡلَٰلَ ٱلَّتِي كَانَتۡ عَلَيۡهِمۡۚ فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِهِۦ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُواْ ٱلنُّورَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ مَعَهُۥٓ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ١٥٧ [الأعراف: 156- 157]، فَالرَّحْمَة لَهَا أَسْبَابٌ، وهي رَحْمَة وَاسِعَة، قال تعالى: ﴿فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل رَّبُّكُمۡ ذُو رَحۡمَةٖ وَٰسِعَةٖ وَلَا يُرَدُّ بَأۡسُهُۥ عَنِ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡمُجۡرِمِينَ [الأنعام: 147].

ومن هذه الرَّحْمَة المَذْكُورَةِ في هذا الحَدِيثِ المُتَّفَقِ عليه أَنْزَل الله منها رَحْمَةً وَاحِدَةً في الأَرْض، وَعِنْده تِسْعَ وتسعون رَحْمَةً قد ادَّخَرَهَا


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2752).