×
شرح أصول الإيمان

وَلِمُسْلِم مَعْنَاه من حَدِيث سَلْمَانُ، وفيه: «كُلُّ رَحْمَةٍ طِبَاقَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَْرْضِ» وَفِيْه: «فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ كَمَّلَهَا بِهَذِهِ الرَّحْمَةِ» ([1]).

****

 في الحَدِيث بَيَان مَدَى سَعَة أنَّ كلَّ رَحْمَةٍ من المِائَة رَحْمَةٍ التي اتَّصَف الله بها، فالرَّحمة الواحدةُ تَسَعُ السَّمَوَات وَالأَرْضَ، فإذا كان يوم القِيَامَة تَكَامَلَت الرَّحْمَة مِائَةَ رَحْمَةٍ، بِانْضِمَام الجُزْء الذي أَنْزَلَه الله سبحانه وتعالى إلى الأَرْض إلى ما ادَّخَره في السَّماء، فَصَارَت منه رَحْمَةً في الآخِرَة، وهذا دَلِيلٌ على سَعَة رَحْمَة الله عز وجل.

وهذا أيضًا من شَأْنِه أن يَجْعَل الإِنْسَان لا يَقْنَط من رَحِمَة الله تعالى: قال تعالى: ﴿۞قُلۡ يَٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسۡرَفُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ لَا تَقۡنَطُواْ مِن رَّحۡمَةِ ٱللَّهِۚ [الزُّمَر: 53].

وَقَال تعالى على لِسَان إبْرَاهِيْمَ الخَلِيلِ عليه الصلاة والسلام: ﴿قَالَ وَمَن يَقۡنَطُ مِن رَّحۡمَةِ رَبِّهِۦٓ إِلَّا ٱلضَّآلُّونَ [الحِجر: 56].

وَقَال تعالى على لِسَان يَعْقُوبَ عليه السلام: ﴿وَلَا تَاْيۡ‍َٔسُواْ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ لَا يَاْيۡ‍َٔسُ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ [يوسف: 87].

وفي هذا الحَدِيث وما جَاء بِمَعْنَاه من الأَحَادِيث وَالآيَاتِ الكَرِيمَةِ بَيَانُ أنَّه لا يَنْبَغِي لِلمُسْلِم أن يَقْنَط من رَحْمَة الله، حَتَّى ولو تعاظمَ ذَنْبُه، فإنَّه يَنْبَغِي أَلاَّ يَيْأَس من العَوْدَة والرُّجوعِ إلى الله وألاَّ يَعْتَقِد بِأَنَّه لَن يَغْفِر الله له، وألاَّ يَتْرُك التَّوْبَة وَيَيْأَس من رَحْمَة الله عز وجل، بل عَلَيْه أن يَتُوب وَيَرْجُو رَحْمَة الله، مَهْمَا كان ذَنْبُه ومهما كانت مَعْصِيَتُه، فإذا تَاب منها تَاب الله عَلَيْه.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2753).