×
شرح أصول الإيمان

 عن عِبَادَتِه، وَيُنَفِّذُون أَوَامِرَه في الخَلْق وَالكَوْن، وهم جُنْدٌ من جُنْد الله عز وجل، يَجِب الإِيمَان بِهِم كما جَاء ذِكْرُهُم في القُرْآن الكَرِيمِ، وَالإِيمَان بِأَعْمَالِهِم التي يَقُومُون بها مِمَّا جَاء تَفْصِيلُه في القُرْآن الكَرِيم وَالسُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ.

ثُمَّ إنَّ الَّذِين لا يُؤْمِنُون بِالمَلاَئِكَة، أو يُؤَوِّلُون حَقِيقَتَهُم كما هو الحَال عند بَعْض الفَلاَسِفَة الَّذِين يُؤَوِّلُون حَقِيقَة وُجُود المَلاَئِكَة بِأَنَّهَا قُوَى الخَيْر النَّفْسَانِيَّةُ التي لَدَى الإِنْسَان، كما يُسَمُّون القُوَى الشِّرِّيرَةَ التي في الإِنْسَان الشَّيَاطِينَ، ويقولون: ليس هناك شَيَاطِينٌ لهم أَجْسَامٌ، وليس هناك مَلاَئِكَةٌ مَخْلُوقُون لهم أَجْسَامٌ حِسِّيَّةٌ، وإنَّما هي مُجَرَّد هَوَاجِس الخَيْر المُتمثَّلةِ بِالمَلاَئِكَة، وَهَوَاجِس الشَّرِّ المُتمثِّلةِ في الشَّيَاطِين، وهذا وَنَحْوُه من التَّخرُّصات وَالأَبَاطِيلِ من تَأْوِيل القَرَامِطَة وَالفَلاَسِفَةِ وَالبَاطِنِيَّةِ، ومع الأَسَف هذا مَوْجُودٌ في «تَفْسِير المَنَار» لِمُحمَّد رَشِيد رِضًا عند تَعَرُّضِه لِقِصَّة آدَم عليه السلام، وقد ذَكَرَه صَاحِب «المَنَار» عن شَيْخِه مُحمَّد عَبْدَه، وَشَيْخُه مُحمَّدُ عَبْدَه نَقَلَه عن كتَاب «الإِحْيَاء» لِلغَزَالِيِّ، الذي كانت عِنْدَه نَزْعَةٌ فَلسَفِيَّةٌ أَثَّرَت عَلَيْه، وهذا التَّأْوِيل منها.

وَالحَاصِل: أنَّ الذي يُفَسِّر المَلاَئِكَة على أنَّها القُوَى النَّفْسِيَّةُ إن كان مُتعمَّدًا لِهَذَا فهو كافرٌ، وَإِن كان مُقلِّدًا فهو ضَالٌّ وَمُخْطِئٌ، فَعَلَيْنَا أن نَعْرِف أَفْكَار الفَلاَسِفَة وَنَعْرِفَ الوَحْيَ المُنزَّلَ من عند الله ونُفرِّقَ بَيْنَهُمَا.

فَفِي هذا الحَدِيث: الحَثُّ على وُجُوب الإِيمَان بِالمَلاَئِكَة، وفيه بَيَان كَثْرَتِهِم، وأنَّهم يَمْلَئُون السَّمَوَات على سِعَتِهَا.


الشرح