×
شرح أصول الإيمان

وَقَالَ: «دَخَلَتِ النَّارَ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا؛ لاَ هِيَ أَطْعَمَتْهَا، وَلاَ هِيَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَْرْضِ» ([1]).

قَال الزُّهريُّ: لئلاَّ يِتَّكِلَ أحدٌ ولا ييأسَ أحدٌ.

****

 وَإِنّ كانت كَبَائِر، وَلِكِنَّهَا تُنْقِص الإِيمَان، وهذا الحَدِيثُ أَصْلٌ من أُصُول أَهْل السُّنَّة وَالجَمَاعَة في هذه المَسْأَلَة، وهي مَسْأَلَة مُرْتَكِب الكَبِيرَة، وَبَيَان أن الله سُبْحَانَه يَغْفِر له إذا شَاء سبحانه وتعالى.

وَفِيْه أن الحَسَنَات يُذْهِبْن السَّيِّئَات، فهذه امْرَأَةٌ أَحْسَنْت إلى هذه البَهِيمَة، فسقتها على عَطَشٍ، فَأَذْهَب الله عنها إثْم هذه السَّيِّئَة القَبِيحَةِ بِسَبَب الحَسَنَة.

وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُوْل: «وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا» ([2]).

وَاَللَّه جل وعلا يَقُوْل: ﴿وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفٗا مِّنَ ٱلَّيۡلِۚ إِنَّ ٱلۡحَسَنَٰتِ يُذۡهِبۡنَ ٱلسَّيِّ‍َٔاتِۚ ذَٰلِكَ ذِكۡرَىٰ لِلذَّٰكِرِينَ [هود: 114].

وَقَد سَأَل الصَّحَابَة رضي الله عنهم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا؟ قَالَ: «فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ» ([3])، يَعْنِي: سَوَاء كانت الكَبِد الرَّطْبَة من الآدَمِيِّين أو من البَهَائِم.

هذا الحَدِيث على عَكْس الحَدِيث الذي قَبْلَه، فَهَاهُنَا امْرَأَةٌ أَسَاءَت إلى حَيَوَانٍ، فقد كان عِنْدَهَا هِرَّةٌ حَبَسَتْهَا عن الخُرُوج لِطَلَب الرِّزْق، ولم تُؤَمِّن لَهَا ما يُبقِي على حَيَاتِهَا حَتَّى هَلَكَت هذه الهِرَّةِ، وهذه جَرِيمَةٌ وَإِسَاءَةٌ إلى هذا المَخْلُوقِ، فَدَخَلَت النَّار بِسَبَب هذه السَّيِّئَةِ،


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (2236)، ومسلم رقم (2242).

([2])  أخرجه: الترمذي رقم (1987)، والدارمي رقم (2791)، وأحمد رقم (21354).

([3])أخرجه: البخاري رقم (2234)، ومسلم رقم (2244).