×
شرح أصول الإيمان

 وَطلبُ الشَّفَاعَةِ منه صلى الله عليه وسلم أو من غَيْرِه إن كان حاضرًا لا بَأْسَ به، وهذا بِخِلاَفِ طَلَبِ الشَّفَاعَةِ من الْمَيِّت، فهو الْمَمْنُوع. وَالشَّفَاعَةُ مَعْنَاهَا: الدُّعاء، فإذا دَعَوْت لأَِخِيك فقد شَفَعْت له، وَصَلاَةُ الْمُسْلِمِين على الْمَيِّتِ شَفَاعَةٌ له، وَالشَّفَاعَةُ إنَّما تُطلَب من الأَْحْيَاءِ الْقَادِرِين على الدُّعاء، فَقَوْلُه: «نَسْتَشْفِعُ بِكَ عَلَى اللهِ» يعني: بِدُعَائِك، وهذا الْقَوْلُ منه لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَقْبُول.

وقولُه: «وَ بِاللهِ عَلَيْكَ»؛ أي: نَسْتَشْفِع بِاَللَّهِ عَلَيْك، هذه الْجُمْلَةُ هي التي أَنْكَرَهَا الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم؛ لأَنَّه جَعَل اللهَ جل وعلا شفيعًا عندَ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، فَجَعَلَ الْخَالِقَ شافعًا عند الْمَخْلُوق، وهذا فيه تنقُّصٌ لِلَّهِ عز وجل، فهو لم يُقَدِّر الله حَقّ قدْرِه، فهذا هو وَجْهُ إنْكَار الرَّسُول صلى الله عليه وسلم على قوله هَذَا؛ لأَنَّه تنقَّصَ اللهَ فَاسْتَشْفَع به إلى الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، وهو صلى الله عليه وسلم لم يَرْض بهذا بل أَنْكَرَه.

فَفِي هذا الْحَدِيثِ إنْكَارُ الْمُنْكَر، وفيه تَغْلِيظٌ على من أَسَاءَ بِحَقِّ اللهِ سبحانه وتعالى، فلا يُقَال: هذا جَاهِل، بل يُغَلَّظ عَلَيْه لأَِجْلِ أن يَرْتَدِعَ هو وَغَيرُه، فَمَن أَسَاء بِحَقِّ اللهِ فإنَّه يُنْكِر عَلَيْه وَيُشَدَّد الْقَوْلُ بِحَقِّه ولا يُتْرُك بِحُجَّة أنَّه جَاهِل؛ لأَِجْلِ أن يُدْرَك وَيَعْرِف أنَّه أَخْطَأ وَأَسَاء الأَْدَب مع خَالِقِه جل وعلا؛ فَيَتُوب وَيُقَدِّر اللهَ جل وعلا حَقّ قَدْرِه؛ ولهذا شَدَّدَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم عَلَيْه وَسَبَّح اللهَ وَنَزَّهَه عمَّا قال هذا الأَْعْرَابِيُّ وَكُرِّر التَّسْبِيحَ تنزيهًا عمَّا قَالُه هذا الأَْعْرَابِيّ !

وقولُه: «فَمَا زَالَ يُسَبِّحُ حَتَّى عُرِفَ ذَلِكَ فِي وُجُوهِ أَصْحَابِهِ»، يعني:


الشرح