وَالإِْيمَانُ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَر هو أَحَدُ
أَرْكَانِ الإِْيمَانِ السِّتَّة كما قال صلى الله عليه وسلم: «الإِْيمَانُ أن تُؤْمِنَ بِاَللَّهِ
وَمَلاَئِكَتِه وَكَتْبِه وَرُسُلِه واليومِ الآَخَرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَر
خَيرِه وَشَرِّه» ([1])،
وَمَحَلّ الشَّاهِد قوله صلى الله عليه وسلم: «وَتُؤْمِن بِالْقَدر خَيرِه وَشَرِّه»؛ فَمَا يَجْرِي من الْخَيْرِ
وَالشَّرِّ في هذا الْكَوْنِ فإنَّه قد قضاه اللهُ وَقَدَّرَه.
فَمَن لم يُؤْمِنْ بهذا فإنَّه ليس بِمُؤْمِنٍ
بِاَللَّهِ عز وجل، وإذا مَات وهو يُنْكِرُ الْقَضَاءَ وَالْقَدَر فإنَّه من
أَهْلِ النَّارِ كما جَاءَت بذلك الأَْحَادِيثُ التي سَتَأْتِي في هذا الْبَاب: أن
من لم يُؤْمِنْ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَر فإنَّه لم يُؤْمِنْ بِاَللَّه؛ لأَنَّه
نَفَى شيئًا من أَفْعَالِ اللهِ سبحانه وتعالى، وَزَعْم أن اللهَ عَاجِزٌ وأنَّه
يَحْدُث في ملْكِه ما لم يَقْضِه ولم يُقدِّره -تعالى الله عن ذلك-، فَمَن لم
يُؤْمِنْ بِهِمَا فهو كافرٌ وَعَلَيْه وَعِيدٌ شَدِيد، وهو من أَهْلِ النَّارِ ولو
أَنْفَقَ مثل أُحُد ذهبًا، فَإِن اللهَ لا يَتَقَبَّلُه منه.
·
وَالإِْيمَانُ
بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ يَتَضَمَّنُ أَرْبَعَ مَرَاتِب:
الْمَرْتَبَة الأُوْلَى:
الإِْيمَانُ بأنَّ اللهَ علِمَ ما كان وما يكون في عِلْمِه الأَْزَلِيّ، ولا
يَقَعُ شَيْءٌ لا يَعْلَمُه اللهُ سبحانه وتعالى.
الْمَرْتَبَة الثَّانِيَة: الإِْيمَانُ بأنَّ اللهَ كَتْبَ في اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ مَقَادِيرَ كلَّ شَيْءٍ إلى أن تَقُومَ السَّاعَة، عَلِمَه أولاً ثم كتَبه في اللَّوْحِ الْمَحْفُوظ، «أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللهُ الْقَلَمُ. فَقَالَ لَهُ: اُكْتُبْ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» ([2])، وكما قال سبحانه وتعالى: ﴿مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِيٓ
([1]) أخرجه: البخاري رقم (80)، ومسلم رقم (8).