الإِْيمَانِ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَر، وليس
مَعْنَاه تَرَكُ الْعَمَلِ وتعطيلُه؛ ولهذا يقولُ صلى الله عليه وسلم: «احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ
بِاللهِ وَلاَ تَعْجِزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلاَ تَقُلْ: لَوْ أَنِّي
فَعَلْتُ كذا كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَّرَ اللهُ وَمَا شَاءَ
فَعَلَ فَإِنَّ «لَوْ» تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ» ([1]).
هذه هي فَائِدَةُ الإِْيمَانِ بِالْقَضَاءِ وَالْقُدْرَة الْمَبْنِيَّة على
الصَّبْر وَالاِحْتِسَاب وَعدم الْجَزَع والتسخُّط.
وَالإِْيمَانُ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَر ضَلَّ فيه
طائفتان؛ طَائِفَةُ الْجَبْرِيَّة، وَطَائِفَةُ الْقَدَرِيَّة من الْمُعْتَزِلَة.
فالجبريةُ: غَلَت في إثْبَاتِ الْقَدْرِ وَنَفَت
أَفْعَالَ الْعِبَاد، وقالت: إنَّما هذه أَفْعَالُ اللهِ وقضاؤه، وَالْعَبْدُ
إنَّما هو مَجْبُورٌ كَالآْلَةِ أو كالريشةِ يُحَرِّكُهَا الْهَوَاء، تعالى اللهُ
عمَّا يَقُولُون، فَالزِّنَا وَالسَّرِقَةُ وَظُلْمُ الْعِبَادِ وَشُرْبُ الْخَمْر
إنَّما هي أَفْعَالُ اللهِ جل وعلا وليست أَفْعَالَ الْعَبِيد، وكفى بهذا
الْقَوْلِ شَنَاعَة وكفرًا!
وأمَّا الْقَدَرِيَّةُ: فَكَانَت في مُقَابَلَةِ الْجَبْرِيَّة، فَغَلَوْا في إثْبَاتِ أَفْعَالِ الْعِبَاد، وَنَفَوْا الْقَضَاءَ وَالْقَدَر، وقالوا: إن الإِْنْسَانَ حُرٌّ حُرِّيَّة كَامِلَة ليس لَهَا تعلُّقٌ بِقَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِه، فهو الذي يَخْلُقُ فعلَ نَفْسِه، ولم يَخْلُقْه الله، وليس له سُبْحَانَه تدخُّلٌ في أَفْعَالِ الْعِبَاد؛ وهم في ذلك كانوا على النَّقِيضِ من الْجَبْرِيَّةِ الَّذِين غَلَوا في إثْبَاتِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ وَنَفَوْا أَفْعَالَ الْعِبَاد، وهؤلاء الْقَدَرِيَّةُ كانوا على الْعَكْسِ فقد غَلَوا في إثْبَاتِ أَفْعَالِ
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2664).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد