×
شرح أصول الإيمان

الأَمْر يَهُون عَلَيْنَا، يعني: هُم ينتقدون كَلاَم الله سبحانه وتعالى، ومن جُمْلَة ما يَعْبُدُون من دون الله مَلاَئِكَة ورسلاً مثل عِيسَى عليه السلام؛ فَكَيْف يَكُونُون في النَّار؟ فَأَنْزَل الله هذه الآْيَة ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتۡ لَهُم مِّنَّا ٱلۡحُسۡنَىٰٓ [الأنبياء: 101] وهم الْمَلاَئِكَةُ وَالأَْنْبِيَاءُ وَالرُّسُلُ وَالصَّالِحُون، هَؤُلاَء لا تَتَنَاوَلُهُم هذه الآْيَة، فهو تَخْصِيصٌ بعد عُمُوم.

لَمَّا نَزَلَت هذه الآْيَة ﴿إِنَّكُمۡ وَمَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ [الأنبياء: 98] قال ابن الزِّبَعْرَى: فَنَحْن نَعْبُدُ الْمَلاَئِكَة، وَالْيَهُودُ تَعبدُ عزيرًا، والنصارى تَعبدُ الْمَسِيحَ عِيسَى بنَ مَرْيَم، فهل هَؤُلاَء مَعَنَا في النَّار؟! ([1]).

وَغَرَضُ الْمُشْرِكِين من هذا انْتِقَادِ كَلاَمِ الله، ولهذا قال تعالى: ﴿۞وَلَمَّا ضُرِبَ ٱبۡنُ مَرۡيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوۡمُكَ مِنۡهُ يَصِدُّونَ ٥٧وَقَالُوٓاْ ءَأَٰلِهَتُنَا خَيۡرٌ أَمۡ هُوَۚ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلَۢاۚ بَلۡ هُمۡ قَوۡمٌ خَصِمُونَ ٥٨ [الزُّخرُف: 57- 58]؛ لأَنَّه من الْمَعْرُوفِ أنَّ عِيسَى ابنَ مَرْيَم والصالحين لا يَدْخُلُون النَّار لأنَّ اللهَ تَكَفَّلَ بأن يُدخِلَهم الْجَنَّة، وهم يَعْرِفُون هَذَا، لَكِنَّهُم من بابِ الْمُغَالَطَةِ يَقُولُون ذلك، ولهذا قال تعالى: ﴿وَقَالُوٓاْ ءَأَٰلِهَتُنَا خَيۡرٌ أَمۡ هُوَۚ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلَۢاۚ بَلۡ هُمۡ قَوۡمٌ خَصِمُونَ ٥٨إِنۡ هُوَ إِلَّا عَبۡدٌ أَنۡعَمۡنَا عَلَيۡهِ وَجَعَلۡنَٰهُ مَثَلٗا لِّبَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ ٥٩ [الزُّخْرُف: 58، 59] وقد رَدّ الله جل وعلا عَلَيْهِم بِقَوْلِه: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتۡ لَهُم مِّنَّا ٱلۡحُسۡنَىٰٓ [الأنبياء: 101] كَعِيسَى عليه السلام وَعُزَيْر ومن عُبِدَ من دونِ الله من عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِين، هَؤُلاَء مستثنَوْن من دُخُولِ جَهَنَّم.


الشرح

([1])انظر: « تفسير ابن جرير الطبري » (9/90)، و« تفسير ابن كثير » (3/265).