وعن
مُسْلِمٍ بن يَسارٍ الجُهَني قال: سُئِل عُمَرُ بنُ الْخَطَّاب رضي الله عنه عَن
هذه الآْيَة ﴿وَإِذۡ أَخَذَ رَبُّكَ مِنۢ
بَنِيٓ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمۡ ذُرِّيَّتَهُمۡ﴾ [الأَْعْرَاف:
172] فَقَال عُمَر رضي الله عنه: سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئِل
عنها فقال: «إِنَّ اللهَ سبحانه وتعالى خَلَقَ آدَمَ، ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ
بِيَمِينِهِ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةً، فَقَالَ: خَلَقْتُ هَؤُلاَءِ
لِلْجَنَّةِ وَبِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَعْمَلُونَ، ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ
فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةً، فَقَالَ: خَلَقْتُ هَؤُلاَءِ لِلنَّارِ
وَبِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ يَعْمَلُونَ» فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ،
فَفِيمَ الْعَمَلُ؟ فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ إِذَا خَلَقَ الْعَبْدَ لِلْجَنَّةِ،
اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، حَتَّى يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ
أَعْمَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيُدْخِلَهُ بِهِ الْجَنَّةَ، وَإِذَا خَلَقَ
الْعَبْدَ لِلنَّارِ، اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى يَمُوتَ
عَلَى عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ النَّارِ، فَيُدْخِلَهُ بِهِ النَّارَ» ([1]).
****
قَوَّلَه: «وَبِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَعْمَلُونَ»
لم يَقُل: خَلْقَتُهم لِلْجَنَّة فهم يَدْخُلُون الْجَنَّة، وإنَّما قال: «وَبِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَعْمَلُونَ»؛
فَدَلَّ على أنَّ الْجَنَّةَ لا تُدخَل إلاَّ بِعَمَل. كما قال تعالى: ﴿ٱدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ
بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ﴾
[النحل: 32].
وكذا قولُه: «وَبِعَمَلِ
أَهْلِ النَّارِ يَعْمَلُونَ»، لم يَقُل: خَلَقتُهم لِلنَّارِ فَحَسْب، بل
قال: «وَبِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ
يَعْمَلُونَ» فَدَلَّ على أنَّه -كما ذكر- أنَّه لا أَحَدَ يَدْخُلِ
الْجَنَّةَ إلاَّ بِعَمَل، ولا يَدْخُلِ النَّار إلاَّ بِعَمَل، أي: ليس
بِمُجَرَّدِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَر، وهذا وَاضِحٌ من الْحَدِيث.
فَفِي الْحَدِيثِ بَيَانُ أنَّه لا بدَّ من الْعَمَل، ولا يعني هذا أنَّ من قَضَى اللهُ له أنَّه من أَهْلِ النَّارِ أنَّه يَتْرُكُ الْعَمَلَ الذي يُنْجِيه من النَّار، أو من
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4703)، والترمذي رقم (3075)، وأحمد رقم (311).