الاِسْتِقَامَة، أمَّا مُجَرَّدُ النُّطْقِ بها
من غيرِ اسْتِقَامَة؛ أَي: من غيرِ عَمَلٍ بِمُقْتَضَاهَا، فَإِنَّهَا لا تَنْفَعُ
صَاحِبُهَا.
وَقَوْلُه: ﴿تَتَنَزَّلُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ﴾ [فُصِّلَت: 30] هذا هو مَحَلُّ الشَّاهِد،
وَالْمَلاَئِكَةُ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِم عند الْمَوْت، وهي مَلاَئِكَةُ الْمَوْت،
فمَلَكُ الْمَوْتِ جَعَل اللهُ مَعَه مَلاَئِكَةً يُسَاعِدُونَه؛ قال تَعَالَى: ﴿قُلۡ
يَتَوَفَّىٰكُم مَّلَكُ ٱلۡمَوۡتِ ٱلَّذِي وُكِّلَ بِكُمۡ﴾
[السجدة: 11]. وقال في آيَة أُخْرَى: ﴿تَوَفَّتۡهُ رُسُلُنَا وَهُمۡ لَا يُفَرِّطُونَ﴾ [الأنعام: 61] يَعْنِي: الْمَلاَئِكَة لأَنَّهُم رُسُل،
وفي آيَةٍ أُخْرَى قَال: ﴿تَتَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ﴾ [النحل: 32]، وَالْجُمَع في ذَلِك: هو أنَّ مَلَكَ
الْمَوْتِ مَعَه أَعْوَانٌ من الْمَلاَئِكَةِ يَسْتَخْرِجُون الرُّوحَ من جَسَدِ
الإِْنْسَان، ثم يَقْبِضهَا منهم مَلَك الْمَوْت، وأمَّا الْبَاقُون فهم أَعْوَانٌ
لَه.
فَالْمَلاَئِكَةُ تَتَنَزَّلُ على الإِْنْسَانِ عند الاِحْتِضَارِ في الْمَوْقِفِ الْحَرج، وحينها يطَّلع الإِْنْسَانُ على ما هو أَمَامَه، فَيَطَّلِعُ على مَنْزِلَتِه في الآْخِرَة، إمَّا في الْجَنَّةِ وإما في النَّار، فَيَحْصُلُ عند الإِْنْسَانِ خَوْفٍ شَدِيد، فتُطمئنُه الْمَلاَئِكَةُ بِقَوْلِهِم: ﴿أَلَّا تَخَافُواْ وَلَا تَحۡزَنُواْ﴾ [فصلت: 30]، ﴿أَلَّا تَخَافُواْ﴾ مِمَّا أَنْتُم قَادِمُون عَلَيْه، ﴿وَلَا تَحۡزَنُواْ﴾ [فُصِّلَت: 30]: عَلَى ما فَاتَكُم من الدُّنْيَا، على أَوْلاَدِكُم وَأَمْوَالِكُم ﴿وَأَبۡشِرُواْ﴾ [فُصِّلَت: 30]: بعدما هدَّءُوهم بشِّروهم،﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسۡتَقَٰمُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ أَلَّا تَخَافُواْ وَلَا تَحۡزَنُواْ وَأَبۡشِرُواْ بِٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِي كُنتُمۡ تُوعَدُونَ ٣٠نَحۡنُ أَوۡلِيَآؤُكُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِۖ وَلَكُمۡ فِيهَا مَا تَشۡتَهِيٓ أَنفُسُكُمۡ وَلَكُمۡ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ٣١﴾ [فُصِّلَت: 30- 31] يَعْنِي: نَتَوَلَّى