×
شرح أصول الإيمان

قَال تَعَالَى: ﴿إِنۡ هُوَ إِلَّا عَبۡدٌ أَنۡعَمۡنَا عَلَيۡهِ وَجَعَلۡنَٰهُ مَثَلٗا لِّبَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ [الزُّخرُف: 59] يعني الْمَسِيح عليه السلام.

وَقَال تعالى على لِسَانِه: ﴿إِنِّي عَبۡدُ ٱللَّهِ [مريم: 30] هذا أَوَّل ما نَطَق به وهو في الْمَهْد، ولم يَقُل: إنِّي ابن اللَّه، وقال كما ذكر سُبْحَانَه: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُوهُۚ هَٰذَا صِرَٰطٞ مُّسۡتَقِيمٞ [آل عمران: 51]، هذا قَوْل الْمَسِيح عليه السلام أنَّه عَبْد الله وَرَسُوله، بِخِلاَف ما تَدَّعِيه النَّصَارَى من أنَّه ابن الله - تعالى الله عمَّا يَقُولُون علوًّا كبيرًا.

وهذا فيه رَدٌّ على زَعْمِهِم بِأَنَّه ابنُ اللَّه، فهو عليه السلام ُ يَتَشَرَّفُ في أن يكونَ عبدًا للَّه، وَأَفْضَلُ الْخَلْقِ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم يَقُوْل: «إِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولُوا: عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ» ([1]).

وَالْعُبُودِيَّةُ هي أَعْلَى مَرَاتِبِ الشَّرَفِ لِبَنِي آدَم وَلِلْمَلاَئِكَةِ ولجميعِ الْخَلْق، وأمَّا الأُْلُوهِيَّة فَإِنَّهَا لا تَكُونُ إلاَّ لِلَّهِ سبحانه وتعالى:

لِلَّه حَقٌّ ليس لِعَبْدِه **** وَلِعَبْدِه حَقّ هُمَا حقَّانِ

لا تَجْعَل الحقَّيْن حقًّا واحدًا **** من غير تَمْيِيز ولا فرقانِ

فَيَجِبُ التَّفْرِيقُ بين حَقِّ اللهِ وَحَقِّ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، فَحَقُّ اللَّه: الْعِبَادَة، وَحَقُّ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم: الْمُتَابَعَةُ وَالطَّاعَةُ له صلى الله عليه وسلم وَالإِْيمَانُ بِرِسَالَتِه وَمَحَبَّتِه أَكْثَر من مَحَبَّةِ النَّفْسِ وَالأَْهْلِ وَالْمَالِ وَالْوَلَدِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِين، هذا هو حَقُّ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم؛ لأَنَّه ليس له في الْعِبَادَةِ حَقّ، لأَنَّهَا حَقٌّ لِلَّهِ عز وجل وَحَدَه دون سِوَاه.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3261).