×
شرح أصول الإيمان

وَقَال تعالى في صِفَتِه: ﴿إِنَّهُۥ لَقَوۡلُ رَسُولٖ كَرِيمٖ ١٩ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي ٱلۡعَرۡشِ مَكِينٖ ٢٠مُّطَاعٖ ثَمَّ أَمِينٖ ٢١ [التكوير: 19- 21]؛ أَي: له قوَّةٌ وَبَأْسٌ شَدِيد، وَلِه مَكَانَةٌ ومنزلةٌ عاليةٌ رَفِيعَةٌ عند ذي الْعَرْش. ﴿مُّطَاعٖ ثَمَّ أَمِينٖ [التكوير:21] أَي: مُطَاع في الْمَلَأ الأَْعْلَى، أمينٍ ذي أمانةٍ عَظِيمَة؛ ولهذا كان هو السَّفيرُ بين اللهِ وبين رُسُلِه.

****

 هَذِه أَوْصَافُ جِبْرِيلَ عليه الصلاة والسلام، فَقَوْلُه تَعَالَى: ﴿إِنَّهُۥ لَقَوۡلُ رَسُولٖ كَرِيمٖ [التكوير: 19] فيه وَصْفُ جِبْرِيلَ عليه السلام ُ بِالْكَرم، وَوَصْفُه بِالرِّسَالَة، فهو رَسُولٌ من عندِ اللهِ عز وجل، يُرْسِلُه إلى من يَشَاءُ من رُسُلِه من بَنِي آدَم بِالْوَحْي، فهو وَاسِطَةٌ بين اللهِ عز وجل وَالرُّسُلُ من الْبَشَرِ بِالْوَحْي، وهذا مدحٌ لَه؛ ولهذا قال عَنْه تَعَالَى: ﴿كَرِيمٖ [التكوير: 19] ثم قَال: ﴿ذِي قُوَّةٍ [التكوير: 20] فَوَصَفَه تعالى بِالْقُوَّة، ثم وصفه بِمَا هو أَعْلَى فَقَال: ﴿عِندَ ذِي ٱلۡعَرۡشِ [التكوير: 20] بعُلوِّ الْمَكَانَة، فهو قُرَيْبٌ من اللهِ عز وجل، ثم قَال:﴿مَكِينٖ أَي: له مَكَانَةٌ عَظِيمَة، ثم قال تَعَالَى: ﴿مُّطَاعٖأَي: تُطِيعُه الْمَلاَئِكَة، فهو رَئِيسُهُم ومقدَّمهم، ثم قال تَعَالَى: ﴿ثَمَّ وهي اسْمُ إشَارَة، فَقَوْلُه تَعَالَى: ﴿ثَمَّأَي: في السَّماء، ثم قَال: ﴿أَمِينٖ فَوَصَفَه تعالى بِالأَْمَانَة، هذه أَوْصَافُ جِبْرِيلَ عليه السلام.

ثُمّ قال تعالى عن نبيِّنَا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم الذي يتلقَّى الْوَحْي من جِبْرِيل: ﴿وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجۡنُونٖ [التكوير: 22]؛ لأَنَّهُم كانوا يَصِفُونَه صلى الله عليه وسلم بِالْجُنُون، واللهُ جل وعلا نَفَى عَنْه ذَلِك، ثم قَال: ﴿وَلَقَدۡ رَءَاهُ بِٱلۡأُفُقِ ٱلۡمُبِينِ [التكوير: 23] أَي: رَأَى محمدٌ صلى الله عليه وسلم جبريلَ على خِلْقتِه التي خَلَقَه اللهُ عليها بالأُفق، وذلك في بَطْحَاءِ مَكَّة لمَّا حَصَل للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم من الضِّيقِ والشدَّةِ من كفَّارِ


الشرح