×
شرح أصول الإيمان

ومنهم الموكَّلون بِحِفْظِ بَنِي آدَم كما قال اللهُ تَعَالَى: ﴿لَهُۥ مُعَقِّبَٰتٞ مِّنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ يَحۡفَظُونَهُۥ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِۗ [الرعد:11]. قال ابنُ عَبَّاس: «مَلاَئِكَة يَحْفَظُونَه من بين يَدَيْه ومن خَلْفَه، فإذا جَاء أَمْرُ اللهِ خَلَّوا عَنْه» ([1]).

****

ولا يَعْلَمُ مَدَى قُوَّتِهِم وَعَظَمَتِهُم إلاَّ اللهُ تَعَالَى، ثم قال تَعَالَى: ﴿وَمَا جَعَلۡنَآ أَصۡحَٰبَ ٱلنَّارِ إِلَّا مَلَٰٓئِكَةٗۖ وَمَا جَعَلۡنَا عِدَّتَهُمۡ إِلَّا فِتۡنَةٗ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ أَي: ابْتِلاَءً لَهُم، ولذلك فهم سخِروا من هذا الْعَدَد.

وأمَّا أَهْلُ الإِْيمَانِ فلا يَصِيرُ عِنْدَهُم تساؤلٌ في هذا الأَمْر، لأنَّ هذا كَلاَمُ اللهِ سبحانه وتعالى، وَالْمَلاَئِكَة لا يَعْلَمُ عِظَمَ قُوَّتِهِم إلاّ اللهُ سبحانه وتعالى؛ ولهذا قال تَعَالَى: ﴿وَمَا يَعۡلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَۚ [المدَّثر: 31]، فهؤلاء التِّسْعَةَ عَشَر لا يَعْلَمُ قُوَّتَهِم وبأسَهم وَشِدَّتَهُم إلاَّ اللهُ سبحانه وتعالى !.

من الْمَلاَئِكَةِ من هو مُوَكَّلٌ بِحِفْظِ بَنِي آدَم من الأَْخْطَار، يَمْشُون مَعَه وَيَمْنَعُونَه من الْوُقُوعِ فِيهَا، وهذا من رَحْمَةِ اللهِ سبحانه وتعالى، وإذا نَام يَحْرُسُونَه، قال تَعَالَى: ﴿لَهُۥ مُعَقِّبَٰتٞ مِّنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ يَحۡفَظُونَهُۥ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِۗ [الرعد: 11] أَي: بِأَمْرِ اللهِ سبحانه وتعالى وَرَحْمَتِه بِعَبْدِه، فإذا جَاء أَجَلُه خَلَّى اللهُ بَيْنَه وبينَ الأَْجَل.

كَمَا قال ابنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما من أنَّه إِذَا جَاء أَمْرُ اللهِ خَلُّوا عَنْه.

وذلك لأَنَّه انْتَهَت مهمتُهم، فهم كانوا يَحْفَظُونَه حِينَمَا كان على قِيدِ الْحَيَاة، وَلَكِن إذا حَان وقْتُ دُنُوِّ أَجَلِه وَانْتِهَاءِ حَيَاتِه فإنَّه تَنْتَهِي مهمتُهم.


الشرح

([1])  أخرجه: ابن جرير الطبري في «تفسيره» (7/350).