وَقَد زَاد الأَمْرُ في حبِّهم لآِلِ الْبَيْتِ
بِزَعْمِهِم أَنَّهُم عبدوهم من دون اللَّه، فَلَم يَقْتَصِر الأَمْرُ على
اعْتِقَادِ أنَّ الْخِلاَفَةَ لهم بعد الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم وإنَّما زَاد
الأَمْرُ إلى أن عبدُوهم من دونِ اللَّه، وبَنَوا على قُبُورِهم الْمُشَاهَدَ
وسمَّوها المقدَّسات وهم يحَجُّون إِلَيْهَا الآْن، هَؤُلاَء هُم الرَّافِضَةُ
الَّذِين غلَوا في حُبِّ آلِ الْبَيْت وَخَرجُوا عن الْحَقِّ إلى الْكُفْرِ
وَالشِّرْكِ والضَّلال.
وَالثَّانِيَة: هي
طَائِفَةُ النَّواصبِ الَّذِين يُبغضون آلَ الْبَيْتِ ويتنقصُّونهم ويحَطُّون من
قَدْرِهم، فهم على طَرَفي نَقِيضٍ مع الرَّوافض، فَأُولَئِك يَغلُون وهؤلاء
يُفرِّطون في حَقِّ أَهْلِ الْبَيْتِ ويتنقَّصون من قَدْرِهم ويذمُّونهم.
وأمَّا أَهْلُ السُّنةِ وَالْجَمَاعَةِ فهم توسَّطوا في
أَهْلِ الْبَيْت، فَعَرَفُوا قَدْرَهم وأَحبُّوهم وَأَكْرَمُوهُم واحترموهم
وَحَفِظُوا فِيهِم وصيَّةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خلافًا للنواصبِ
لَكِنَّهُم لم يَغلُوا فِيهِم مثل غُلُوِّ الرَّوافض، ولم يُهينوهم ويُفرطوا في
حقِّهم كَتَفْرِيطِ النَّواصبِ الَّذِين ناصَبوا العَداوةَ لأَِهْلِ بَيْتِ
رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وقد أَوْصَى بِهِم الرَّسُولُ صلى الله عليه
وسلم؛ لِهَذَا يَجِبُ الْعَمَلُ بوصيَّتِه عليه الصلاة والسلام، فمَن أَهْدَر
حقَّهم وتَنقَّصَهم فقد خَالَفَ وصيَّتَه عليه الصلاة والسلام.
وَقَوْله: وفي لفظٍ: «كتابُ اللهِ هو حَبْلُ اللهِ الْمَتِين، من اتَّبعه كان على الْهُدَى، ومن تَركَه كان على الضّلالة»: هذا تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْۚ﴾ [آل عمران: 103]، فقد فسَّر الْحَدِيث أن الْمُرَاد بـ ﴿بِحَبۡلِ ٱللَّهِ﴾ هو الْقُرْآن، وَأَن من اعْتَصَم به فإنَّه يَهتدي ويُفلح ويَسعدُ في الدُّنيا وَالآْخِرَة.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد