وَله
([1]) في حَدِيثِ جابرٍ
الطَّويلِ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال في خُطبةِ يوم عرفةَ: «وَقَد تَركْتُ
فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا إِنِ اعتَصَمْتُم بِه، كِتابَ اللَّهِ، وَأَنْتُمْ
تُسْأَلُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُم قَائلُوُنَ؟». قَالُوا: نَشهدُ أنَّك قد بلَّغت
وأَدَّيتَ ونَصحتَ -قال بإصبَعِه السَّبابةِ يَرفعُها ويَنكُتُها إلى النّاسِ-:
«اللَّهمَّ اشهَدْ». ثَلاَث مرّاتٍ..
****
هَذَا
الْحَدِيثُ جَاء في سِيَاقِ خُطْبَتِه صلى الله عليه وسلم يوم عَرَفَة في حجَّةِ
الْوَدَاع، وَأنْزلَ اللهُ تعالى عَلَيْه قَولَه: ﴿ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ
عَلَيۡكُمۡ نِعۡمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَٰمَ دِينٗاۚ﴾ [المائدة: 3]، فَخَطَب صلى الله عليه وسلم قبلَ صَلاَةِ
الظُّهرِ في وَادِي عُرَنَةَ وكان من جُمْلَة ما أَوْصَى به كتابُ اللَّه، فقال
صلى الله عليه وسلم: «وَقَد تَرَكْت
فِيكُم ما لَن تضلُّوا إن اعْتَصَمْتُم بِه، كِتاب الله» وهو الْقُرْآنُ
والسُّنةُ التي هي من كتابِ اللَّه؛ لأَنَّهَا وحيٌ منه سبحانه وتعالى، فمَن
تمسَّك بِمَا جَاء به الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم من الْقُرْآنِ والسُّنةِ
فإنَّه لَن يَضِلَّ في الدُّنيا ولن يَشْقَى في الآْخِرَة؛ لأَنَّه مَشَى على
الطَّرِيقِ الصَّحِيح، وهو الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ والحَبْلُ الْمَتِين.
وحالُنا في هذه الدُّنْيَا في لُجَّةٍ وَغَرقٍ مَلِيء
بالضَّلالاتِ وَالأَْهْوَاءِ والشَّهواتِ وليس لَنَا نَجَاةٌ إلاَّ من خِلاَل هذا
الحَبْل، فمَن تمسَّك به وعضَّ عَلَيْه بالنوَّاجذِ نَجا من هذه الأَْخْطَارِ
والضَّلالات، ومن أَطْلَقَ هذا الحَبْلَ هَلَك وَغَرَق في هذه اللُّججِ
وَالْبِحَار.
ثُمّ إنَّه صلى الله عليه وسلم بعدما أَوْصَى بِكِتَابِ اللهِ في حجَّةِ الْوَدَاعِ التي وادَعَ فِيهَا النَّاس، تُوفِّي بَعْدَهَا عَلَيْه الصَّلاةُ والسَّلام، فهذه الْخُطْبَةُ التي خَطَبَهَا صلى الله عليه وسلم
([1]) أخرجه: مسلم رقم (1218).