فَقوله صلى الله عليه وسلم: «ألاَ إنَّهَا سَتَكُون فتنةٌ» صَحِيح
جَاءَت به الأَْحَادِيثِ الصَّحِيحَة.
والفِتنَ: جَمَع فِتْنَة: وهي
الاِبْتِلاَءُ وَالاِمْتِحَانُ وَالاِخْتِبَارُ لِيَظْهَرَ الصادقُ الإيمانِ
المتمسِّكُ بِدَيْنِه من الْمُنَافِق، لأَنَّه عند الْفِتَنِ يتميَّزُ وَيَظْهَرُ
الصَّادِق من الْمُنَافِق، كما قال تَعَالَى: ﴿أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتۡرَكُوٓاْ أَن يَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا
وَهُمۡ لَا يُفۡتَنُونَ ٢وَلَقَدۡ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ فَلَيَعۡلَمَنَّ
ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱلۡكَٰذِبِينَ ٣﴾ [العنكبوت: 2- 3] أَي: لِيَعْلَم الَّذِين صَدَقُوا في
إيمَانِهِم وَالْكَاذِبِين في دَعْوَى الإِْيمَان، فَإِن الْكَاذِب وَالْمُنَافِق
عند الْفِتَنِ يتخلَّى الْوَاحِد منهم عن دِينِه، وأمَّا الصَّادِقُ فإنَّه
يتمسَّكُ بِدَيْنِه وَيَصْبِر على ما يُصيبُه، وهذه عَلاَمَةُ الصِّدق، بِخِلاَفِ
الْمُنَافِقِ الذي يَنْسَلِخُ من دِينِه لأَِجْلِ أنْ يَسلَمَ في دُنياه، فَيَبِيع
آخِرتَه بدُنياه.
وَقَوْلُه: «مَا المَخْرج منها» يَعْنِي: ما هو طَرِيق السَّلاَمَة من هذه
الْفِتَن؟
قولُه: «كتاب الله» أَي: الْقُرْآن، وَيَشْمَل هذا السُّنةَ النَّبَوِيَّةَ
الشَّرِيفَة؛ لأَنَّهَا مستمَدةٌ من كتابِ اللهِ عز وجل، وقد قال صلى الله عليه
وسلم: «عَلَيْكُم بسُنَّتي وسُنَّةِ
الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِين» ([1])
فَكِتَابُ اللهِ يَشْمَلُ الْقُرْآنَ والسُّنة.
وَقَوْله: «فِيْه نَبَأ ما كان قِبَلِكُم» فَإِنَّ الْقُرْآنَ يَحْتَوِي أخبارَ الأُْمَمِ الْمَاضِيَة، وَالنَّبَأ: هو الْخَبَرُ الْمُهِمّ، وَالْمُرَادُ أنَّ الْقُرْآنَ فيه قِصَّةُ الأَْنْبِيَاءِ
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (44)، وأحمد رقم (17142).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد