وَالْمُعَامَلاَتِ وَالأَْحْكَامِ وفي كلِّ
شَيْء، ولا يَلْتَفِتُون إلى الْجَدَلِ كَأَهلِ الضَّلاَل من الْجَهْمِيَّةِ
وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالأَْشَاعِرَةِ الَّذِين يَسْتَدِلُّون بِقَوَاعِدِ
الْمَنْطِق، وَيَتْرُكُون أَدِلَّةَ الْقُرْآنِ بِحُجَّةِ أنَّها ظَنِّيَّة لا
تُفِيدُ الْعِلْمَ الْيَقِينِيّ، وأمَّا عِلْمُ الْجَدَلِ وَقَوَاعِدُ الْمَنْطِق
فهي أَدِلَّةٌ عَقْلِيَّةٌ تُفِيدُ الْيَقِينَ عِنْدَهُم!
وَقَوْله: «وَهْو حَبْلُ اللهِ الْمَتِين» ولهذا قال تَعَالَى: ﴿وَٱعۡتَصِمُواْ
بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْۚ﴾
[آل عِمْرَان: 103]، وَحَبَل اللَّه: هو الْقُرْآنُ الذي أَنْزَلَه اللهُ
لِهِدَايَةِ الْخَلْق، فَمَن تَمَسَّك بهذا الْحَبْلِ نَجَا، ومن تَرَكَه هَلَك.
وَقَوْله: «وَهْو الذَّكَرُ الْحَكِيم» هذا كما وصفه اللهُ تَعَالَى، فقد وصفَه
بِالذِّكْر، وَبِالْقُرْآنِ، وبالفرقان، وغير ذلك من أَسْمَاءِ الْقُرْآنِ وَأَوْصَافِه.
وَقَوْله: «وَهْو الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيم» وهذا كما قال تَعَالَى: ﴿وَأَنَّ هَٰذَا
صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ﴾ [الأَْنْعَام: 153]؛ وَالصِّرَاط: هو الْقُرْآن؛ فَمَن
سَار على هَدَاه رشد، ومن ابْتَعِد عَنْه ضَلّ.
وَقَوْله: «هُو الذي لا تَزِيغ به الأَْهْوَاء» فَمَن كان هَوَاه تابعًا لِلْقُرْآنِ فإنَّه لا يَزِيغ؛ بِمَعْنَى: لا يَضِلُّ ولا يَشْقَى، ومن كان هَوَاه مخالفًا له فإنَّه يَزِيغُ وَيَضِيع، وَيَضِلّ، قال تَعَالَى: ﴿وَمَنۡ أَعۡرَضَ عَن ذِكۡرِي فَإِنَّ لَهُۥ مَعِيشَةٗ ضَنكٗا﴾ [طه:124] يَعْنِي: عن الْقُرْآن ﴿وَمَن يَعۡشُ عَن ذِكۡرِ ٱلرَّحۡمَٰنِ نُقَيِّضۡ لَهُۥ شَيۡطَٰنٗا فَهُوَ لَهُۥ قَرِينٞ ٣٦وَإِنَّهُمۡ لَيَصُدُّونَهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَيَحۡسَبُونَ أَنَّهُم مُّهۡتَدُونَ ٣٧﴾ [الزُّخرُف: 36- 37] فَهَؤُلاَء الَّذِين زَاغَت بِهِم الأَْهْوَاءُ يَحْسَبُون أَنَّهُم على الصَّوَابِ مُسْتَمِرُّون على ما هُم عَلَيْه من الضَّلاَل، فلا يَحْصُلُ عِنْدَهُم شَكٌّ فِيْمَا هُم عَلَيْه، ولا يَظُنُّون إلاَّ أَنَّهُم على الْحَقِّ وَالصَّوَاب!