أَكْبَر، ولكنه كُفرٌ أَصْغَر؛ بِدَلِيلِ قولِه
صلى الله عليه وسلم: «لا تَرْجِعُوا
بَعْدِي كفارًا يَضْرِب بَعْضُكُم رِقَابَ بَعْض» ([1])؛
فَقتلُ الْمُؤْمِنِ متعمدًا كفر، ولكنه كفرٌ أَصْغَرُ وليس بِكُفْرٍ مُخْرجٌ من
الْمِلَّة، بِدَلِيلِ قولِه تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَ
أَخَوَيۡكُمۡۚ﴾ [الْحُجُرَات: 10]،
فَالْخِطَابُ في هذا إلى الْمُؤْمِنِين بأنَّ يُصلِحوا بين إخْوَتِهِم من
الْمُؤْمِنِين، فَدَلَّ على أنَّ الْقَاتِلَ لا يَكْفُر، وإنَّما هو فَاعِلٌ
لَكَبِيرَةٍ من كَبَائِر الذُّنُوب.
وفي قولِه تَعَالَى: ﴿وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوۡنَ مِنكُمۡ وَيَذَرُونَ
أَزۡوَٰجٗا وَصِيَّةٗ لِّأَزۡوَٰجِهِم مَّتَٰعًا إِلَى ٱلۡحَوۡلِ غَيۡرَ
إِخۡرَاجٖۚ﴾ [البقرة: 240]، فلو
أَخَذْنَا بِهَذِه الآْيَة لَقُلْنَا: إن عدَّةَ الْوَفَاة سَنَة، لأنَّ هذا
صَرِيح الآْيَة، وَلَكِن بإرجاعها إلى قوله تَعَالَى: ﴿وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوۡنَ مِنكُمۡ وَيَذَرُونَ
أَزۡوَٰجٗا يَتَرَبَّصۡنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرۡبَعَةَ أَشۡهُرٖ وَعَشۡرٗاۖ﴾ [البقرة: 234]، فَتَكُون هذه الآْيَة نَاسِخَةٌ
لِلآْيَة الأُْخْرَى، فَنُسِخَت الْعِدَّةُ من سَنَةٍ إلى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ
وَعَشَرَة أياما؛ فَالْمَنْسُوخُ لا يُعْمَلُ بِه، وإنَّما يُعْمَلُ بِالنَّاسِخ.
وأمَّا أَهْلُ الزَّيْغِ فَيَأْخُذُون بِالْمَنْسُوخِ
بِحُجَّةِ أنَّها آيَةٌ من كتابِ اللهِ وأنَّه لا مَانِعَ من الاِسْتِدْلاَلِ
بِكِتَابِ اللَّه! فَأَهْلُ الزَّيْغِ يَأْخُذُون طرفًا من الأَْدِلَّةِ
وَيَتْرُكُون الطَّرَفَ الآَخَر.
وَالْخَوَارِجُ وهم من أَهْلُ الزَّيْغ، قد أَخَذُوا
آيَاتِ الْوَعِيدِ وكفَّروا الْمُسْلِمِين، وَتركُوا آيَاتِ الْوَعْد، ولو
جَمَعُوا بَيْنَهُمَا كما فعل أَهْلُ السُّنَّةِ لاَهْتَدْوا.
وَالْمُرْجِئَةُ على الْعَكْس؛ فقد أَخَذُوا آيَاتِ الْوَعْدِ وَالرَّجَاء، وَتركُوا
([1]) أخرجه: البخاري رقم (121)، ومسلم رقم (66).