×
شرح أصول الإيمان

 آيَاتِ الْوَعِيد فَضَلُّوا؛ فَالْخَوَارِجُ ضَلُّوا لأَنَّهُم أَخَذُوا بِطَرَف، وهؤلاء ضَلُّوا لأَنَّهُم أَخَذُوا بِطَرَفٍ من النُّصُوص.

وأمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فَجَمَعُوا بين النُّصُوصِ وقالوا: كلٌّ من عند رَبَّنَا، ولهذا قال تَعَالَى: ﴿وَٱلرَّٰسِخُونَ فِي ٱلۡعِلۡمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِۦ كُلّٞ مِّنۡ عِندِ رَبِّنَاۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّآ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ [آل عمران: 7] هذه هي طَرِيقَةُ الرَّاسِخِين في الْعِلْم، وأمَّا أَهْلُ الزيغ فَإِنَّهُم يَأْخُذُون طرفًا من الأَْدِلَّة، وَيَتْرُكُون الطَّرَفَ الآَخَر الذي يُقَيِّدُه وَيُفَسِّرُه، أو يَنْسَخُه أو يُبَيِّن مُجْمَلَه؛ ولذلك فإنَّه لا يَجُوزُ الاِسْتِدْلاَلُ بِالْقُرْآنِ الْكَرِيم إلاَّ لِمَن بَلَغ في الْعِلْمِ مَرَتَبَةً تؤهلُه لِلاِسْتِدْلاَل، وهم الْمُجْتَهِدُون، أمَّا الْمُبْتَدِئُ في طَلَبِ الْعِلْمِ فهذا لا يَجُوز له أن يستقلَّ بِالْفَهْمِ وَالرَّأْي أو أن يُصْدِرَ الأَحْكَام؛ لأَنَّه لم يَتَمَكَّنْ من طَرِيقَةِ الاِسْتِدْلاَلِ وَفَهْمِ الأَْدِلَّةِ وَرَبْطِ بَعْضِهَا بِبَعْض.

فَقَوْلُه تَعَالَى: ﴿هُنَّ أُمُّ ٱلۡكِتَٰبِ [آل عمران: 7] الأُْمُّ: هي التي يَرْجِعُ إِلَيْهَا الشَّيْء، فالمتشابهاتُ تُرَدُّ إلى الأُْمِّ، وهي الْمُحْكَمَاتُ حَتَّى تُفَسِّرَهَا ولا تُقْطَع عَنْهَا.

وقوله صلى الله عليه وسلم: «فَاحْذَرُوهُم» أَي: لا تَغْتَرُّوا بِهِم؛ لأَنَّهُم أَهْلُ زَيْغ، وَيَضِلُّون عن سَبِيلِ اللَّه، وما أَكْثَرُهُم الْيَوْم بِسَبَبِ الْجَهْلِ وَعدمِ التَّمَكُّنِ من الْعِلْم، وَبَعْضِهِم قد يكونُ عالمًا ولكنه صَاحِبُ هَوَى فَيَأْخُذُ الْمُتَشَابِهَ لأَِجْلِ التَّلْبِيسِ على النَّاس.


الشرح