وعن
عَبْدِ اللهِ بن مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَال: خَطَّ لَنَا رَسُولُ الله صلى الله
عليه وسلم خطًّا بِيَدِه ثم قَال: «هَذَا سَبِيلُ اللهِ» ثم خَطَّ خطًّا عن
يَمِينِه وعن شِمَالِه، وَقَال: «هَذِهِ سُبُلٌ، عَلَى كلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ
يَدْعُو إِلَيْه». وقرأ: ﴿وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي
مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن
سَبِيلِهِۦۚ ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ﴾ [الأنعام:153]
رَوَاه أَحْمَد وَالدَّارِمِيّ وَالنَّسَائِيّ ([1]).
****
حَدِيثُ ابنِ
مَسْعُود هذا مثل حَدِيثِه الذي سَلَف قبل حَدِيثِ عَائِشَةَ السَّابِقِ تمامًا،
وفِيَه: أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَرَاد أن يُفَسِّرَ هذه الآْيَة ﴿وَأَنَّ هَٰذَا
صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ﴾ [الأنعام: 153] فَأَرَاد صلى الله عليه وسلم أن
يُفَسِّرَهَا بِضَرْبِ الْمَثْلِ الذي يُوَضِّحُهَا، وذلك أنَّه خَطَّ خطًّا
مستقيمًا على الأَرْض، ليس فيه انْحِرَاف، ثم خَطَّ خطوطًا أُخْرَى عن يَمِينِه
وعن شِمَالِه، فقال عن الْخَطِّ الْمُسْتَقِيم: «هَذَا سَبِيل الله» يَعْنِي: صِرَاطِه الْمُسْتَقِيم، وقال عن
الْخُطُوطِ التي عن يَمِينِه وَشِمَالِه: «وهذه
سبلٌ على كلِّ سَبِيلٍ منها شيطانٌ يَدْعُو إلَيْه»، وهي الانحرافاتُ التي
تُضِلُّ النَّاس، انحرافات في كلٍّ منها مَذَاهِبُ فَاسِدَةٌ ونِحلٌ بَاطِلَة،
وأقوالٌ كَاذِبَة، هذه هي السُّبُل.
وَصِرَاطُ اللهِ واحدٌ، وَالسَّبَلُ كَثِيرَة؛ لأنَّ أَهْوَاءَ النَّاسِ وَأَقْوَالَهِم كَثِيرَة، فإذا ما اتَّبَع أحدٌ أَقْوَالَهُم ضَاع وَضَلّ، ومن اتَّبَع صِرَاطَ اللهِ اهْتَدَى دون أن يَحْصُلَ عِنْدَه لَبْسٌ؛ لأَنَّه ليس عِنْدَه إلاَّ طَرِيق وَاحِد، فَمَن
([1]) أخرجه: النسائي في (الكبرى) رقم (11174)، والدارمي رقم (202)، وأحمد رقم (4142).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد