×
شرح أصول الإيمان

وَقَال: ﴿مَّن يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدۡ أَطَاعَ ٱللَّهَۖ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ عَلَيۡهِمۡ حَفِيظٗا [النِّسَاء: 80]، فمهمةُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم هي الْبَلاَغ، وأمَّا الْهِدَايَةُ فهي بِيَدِ اللهِ سبحانه وتعالى؛ قال تَعَالَى: ﴿إِنَّكَ لَا تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ [القصص: 56].

فَيَجِبُ مَعْرِفَةُ أن الْهِدَايَةَ إنَّما هي بِيَد الله تعالى وليست بِيَد الرَّسُول صلى الله عليه وسلم الذي لا يَمْلِك إلاَّ الْبَلاَغ؛ قال تَعَالَى: ﴿إِنۡ عَلَيۡكَ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُۗ [الشورى: 48]، وأمَّا هِدَايَةُ الْقُلُوبِ فهي بِيَدِ اللهِ سبحانه وتعالى، وليست بِيَدِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم.

نَقُولُ هذا لأنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَغْلُو في حَقِّ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَيَجْعَله في مرَتبَةِ الأُْلُوهِيَّة، وَبَيْنَمَا الْبَعْضُ الآَخَرُ يَجْفُو في حَقِّ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم فلا يُطِيعُه في كَثِيرٍ من الأُْمُورِ وإنَّما يَتَّبَعُ نَفْسَه وَهَوَاه، فَمَا وَافِقَ هَوَاه فِيْمَا جَاء به الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم أَخَذَه، وما خَالَف هَوَاه راوغ لأَِجْلِ التَّخَلُّص منه، وهذه طَرِيقَةُ أَصْحَابِ الأَْهْوَاءِ الَّذِين يَزْعُمُون أَنَّهُم يُؤْمِنُون بِالرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَيُحِبُّونَه، وَلَكَنَّهُم لا يَتْرُكُون الْبِدَعَ وَالْمُحْدَثَاتِ التي نَهَى عنها الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم متناسين أو متجاهلين أن من حَقِّه صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِم اجْتِنَابُ ما نَهَى عَنْه وَإِتْبَاعُ ما أَمْرَ به ومتجاهلين قوله صلى الله عليه وسلم: «إيَّاكُم وَمُحْدَثَاتُ الأُْمُور، فَإِن كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» ([1])، فَاَلَّذِين يزاولون الْبِدَع قد نَقَصُوا حَقَّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم وَإِنْ كانوا يَزْعُمُون أَنَّهُم يُحِبُّونَه، فَالْمَحَبَّةُ تَقْتَضِي


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (46)، وأحمد رقم (17144).