صلُّوا؛ لأَنَّه ليس الْمَقْصُودُ صُورَةَ
الصَّلاة وإنَّما الْمَقْصُودُ إقَامَةُ الصَّلاة؛ أَي: أن تَكُونَ الصَّلاَةُ
قَائِمَة، بِمَعْنَى أنَّها صَلاَةٌ مُوَافِقَةٌ لِلشَّرْعِ تُؤَدَّى في
وَقَّتِهَا مع جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِين، وَبِطَهَارَةٍ وَخُشُوع كاملَيْن
وَحُضُورٍ بين يَدَي اللهِ سبحانه وتعالى، هذا الْمَقْصُودُ من قولِه تَعَالَى: ﴿وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ﴾
، أَي: إقَامَتِهَا على الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ من إكْمَالِ شُرُوطِهَا وَأَرْكَانِهَا
وَوَاجِبَاتِهَا ومتمِّماتها من السُّننِ والمستحبَّات.
وقوله تَعَالَى: ﴿وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ﴾
الزَّكَاةُ قَرِينَةُ الصَّلاةِ في
كَثِيرٍ من الآْيَات، فالصَّلاةُ حقٌّ لِلَّه، والزَّكاةُ حقٌّ لِلْفُقَرَاءِ
وَالْمَسَاكِين؛ قال تَعَالَى: ﴿وَفِيٓ أَمۡوَٰلِهِمۡ حَقّٞ لِّلسَّآئِلِ وَٱلۡمَحۡرُومِ﴾ [الذاريات: 19]، فهي حقٌّ لِلْمَسَاكِين وَالْفُقَرَاءِ
وَالْمَصَارِفِ التي بيَّنها اللهُ سبحانه وتعالى.
وقوله تَعَالَى: ﴿وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ﴾، وهذا الأَمْرُ الثَّالِث، جَاء بعد الأَمْرِ
بِإِقَامَةِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاة؛ وَطَاعَتِه صلى الله عليه وسلم
تَكُون فِيْمَا أَمرَ به وفيما نَهَى عَنْه، فلا يَكْفِي أن يُقيمَ الْمُسْلِمُ
الصَّلاةَ وَأَن يُؤْتِي الزَّكاة، بل لا بدَّ له من طَاعَةِ الرَّسولِ صلى الله
عليه وسلم فِيْمَا أَمرَ فيُفعل، وفيما نَهَى عَنْه فيُجتَنَب، ثم قال سبحانه
وتعالى: ﴿لَعَلَّكُمۡ
تُرۡحَمُونَ﴾ لأنَّ الاِلْتِزَامَ
بِهَذِه الأَْوَامِرِ الثَّلاَثَةِ يسبِّبُ الرَّحمةَ من اللهِ تَعَالَى.
فَقَوْلُه تَعَالَى: ﴿وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ﴾ ، هَذَا فيه ذكرُ حقِّ اللهِ تَعَالَى، وَقَوْله: ﴿وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ﴾ فيه ذِكرُ حقِّ الخَلْق من الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينَ من الْمُسْلِمِين، وَقَوْله: ﴿وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ﴾ فيه ذكرُ حقِّ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وهو الشَّاهِدُ في هذه الآْيَة.