×
شرح أصول الإيمان

 وَلَكَنَّهُم كانوا يردُّون خِلاَفَهُم إلى كتابِ اللهِ وسُنَّةِ رَسُولِه صلى الله عليه وسلم ثم يَتَّفِقُون، وهكذا كان من بَعدِهم من أَهْلِ الإِْيمَانِ وَالصِّدْق، فقد كانوا إذا اخْتَلَفُوا ردُّوا خِلاَفَهُم إلى كتابِ اللهِ تعالى وسُنَّةِ رَسُولِه صلى الله عليه وسلم، فَلَم يَكُنْ أَحَدُهُم يتعصَّبُ لِرَأْيِه؛ لأنَّ هذا لم يَكُنْ من شَأْنِهِم رَحِمَهُم اللهُ تَعَالَى.

وقولُه تَعَالَى: ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحٗا وَٱلَّذِيٓ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ وَمَا وَصَّيۡنَا بِهِۦٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰٓۖ أَنۡ أَقِيمُواْ ٱلدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُواْ فِيهِۚ [الشورى: 13].

قَوله تَعَالَى: ﴿شَرَعَ لَكُم [الشورى: 13] أَي: شَرَع الله لَكُم ﴿مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحٗا [الشورى: 13] وهو أَوَّلُ الرُّسلِ ﴿وَٱلَّذِيٓ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ [الشورى: 13] يا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم ﴿وَمَا وَصَّيۡنَا بِهِۦٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰٓۖ [الشورى: 13] هَؤُلاَء خَمْسَةُ رُسُلٍ وهم أُولو الْعَزْمِ الْوَارِد ذِكْرُهِم في آيَةٍ أُخْرَى في قولِه تَعَالَى: ﴿وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِنَ ٱلنَّبِيِّ‍ۧنَ مِيثَٰقَهُمۡ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٖ وَإِبۡرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ٱبۡنِ مَرۡيَمَۖ [الأحزاب: 7] فَهَؤُلاَء هُم أُولُو الْعَزْمِ من الرُّسُلِ على الْقَوْلِ الْمَشْهُور.

﴿أَنۡ أَقِيمُواْ ٱلدِّينَ [الشورى: 13] وَدِينُ الرُّسلِ وَاحِد، لَكِن ذكرَ هَؤُلاَء الرُّسُل؛ لأَنَّهُم أُولُو الْعَزْم، وَإِلاَّ فدِينُ الرُّسُلِ وَالأَْنْبِيَاءِ جَمِيعِهِم وَاحِد، وهو عِبَادَةُ اللهِ وَحدَه لا شَرِيكَ لَه، وَإِن اخْتَلَفَت شَرَائِعُهِم بِحَسْبِ الْمَصْلَحَةِ وَالْحِكْمَةِ التي يَعْلَمُهَا اللهُ تَعَالَى، وَلَكِنَّ عِبَادَةَ اللهِ هي عِبَادَتُه في كلِّ وقتٍ بِمَا شَرَع، فإذا نُسِخ فَالْعَمَلُ على النَّاسِخِ ويُترك الْمَنْسُوخ، واللهُ جل وعلا يُشَرعُ لِكُلِّ أمَّةٍ ما يُناسبُها ثم يَنْسَخُه بِشَرِيعَةٍ أُخْرَى تُنَاسِب الْجِيلَ الذي بَعْده... وهكذا إلى أن جَاء مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم فَنَسخَ اللهُ به الشَّرَائِعَ السَّابِقَة، وَبَقِي دِينُ الإسلامِ الذي جَاء به عليه الصلاة والسلام، هذا في الْفُرُوع،


الشرح