×
شرح أصول الإيمان

وعن الْعِرْبَاضِ بن سَارِيَةَ رضي الله عنه قَال: وَعظَنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم موعظةً بليغةً، ذَرَفتْ منها العيونُ، ووَجِلَتْ منها القلوبُ، فقال قائلٌ: يا رسولَ اللَّه، كان هذه موعظةُ مودِّعٍ فَمَا تَعهدُه إلَيْنَا؟ فَقَال: «أُوُصِيِكُمْ بِتَقْوَى اللهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّه مِنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي، تَمَسَّكُوُا بِهَا وَعَضُّوُا عَلَيْهَا بِالنَّواجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُوِرِ؛ فَإِنَّ كَلَّ مُحْدَثَةِ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ». رَوَاه أَبُو دَاوُد والترمذيّ وصحَّحه وابنُ مَاجَه ([1]).

وفي رِوَايَةٍ له ([2]): «لَقَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ، لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لاَ يَزِيِغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلاَّ هَالِكٌ، وَمَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتَلاَفًا كَثِيرًا...» ثم ذَكَرَه بِمَعْنَاه.

****

 وأمَّا الأُْصُولُ فلا يَقَع فِيهَا نسخٌ، فَالتَّوْحِيدُ ليس فيه نسخ، وإنَّما النَّسْخُ يكونُ في الأَحْكَامِ الْعَمَلِيَّةِ كَالْبِيَعِ والشراءِ وَالأَْنْكِحَةِ وَنَحْو ذلك مِمَّا يَجْرِي فيه التَّغْيِيرُ حَسْب حِكْمَةِ اللهِ جل وعلا، بِخِلاَفِ أُصُولِ الدِّين وَالْعَقِيدَةِ فلا نسخ في ذَلِك.

وَالشَّاهِدُ في الآْيَةِ الْكَرِيمَةِ قوله تَعَالَى: ﴿أَنۡ أَقِيمُواْ ٱلدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُواْ فِيهِۚ [الشُّورَى: 13]. أَي: أَقِيمُوا الدِّينَ على ما جَاء من غيرِ اخْتِلاَف ﴿وَلَا تَتَفَرَّقُواْ فِيهِۚ كَبُرَ عَلَى ٱلۡمُشۡرِكِينَ مَا تَدۡعُوهُمۡ إِلَيۡهِۚ.

هَذَا حَدِيثٌ عَظِيم، فيه أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعَظَ أَصْحَابَه،


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (44)، وأحمد رقم (17142).

([2])  أخرجه: ابن ماجه رقم (43)، وأحمد رقم (17142)، والحاكم رقم (331).