الأَمْر أو الْوَالِد أنَّه يُوصي عند نِهَايَة حَيَاتِه
من خَلْفَه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: «أُوصيكم بِتَقْوَى الله» وَتَقْوَى
اللَّه: هي فعلُ أَوَامِرِه وتَرْك نَوَاهِيه، وسمِّيت تَقْوَى؛ لأَنَّهَا تَقي من
عَذَابِ اللَّه.
والتقوى كَلِمَةٌ عَظِيمَةٌ رتَّبَ اللهُ جل وعلا عليها
خَيْرَاتٍ كَثِيرَة، ومعناها: الْعَمَلُ بِطَاعَةِ اللهِ على نورٍ من اللَّه،
لِرَجَاءِ ثَوَابِ اللَّه، وتَرْك مَعْصِيَةِ اللهِ على نورٍ من اللَّه؛ مَخَافَة
من عِقَابِ اللَّه، فَقوله صلى الله عليه وسلم: «أُوصيكم بِتَقْوَى الله» أَي: فعل أَوَامِرِه وتَرْك نَوَاهِيه؛
رجاءً وخوفًا.
وقوله صلى الله عليه وسلم: «والسَّمع وَالطَّاعَة» لوليِّ الأَمْر؛
لأَنَّه بها يَحْصُل اجْتِمَاعُ الْكَلِمَة، وَتَنْتَظِمُ بها الْمَصَالِحُ، وهي
سببٌ لِلاِتِّفَاق، ومَنْجاةٌ من الاِخْتِلاَف، فلا يَحْصُلُ الاِجْتِمَاعُ
وَالاِتِّفَاقُ إلاَّ بوليِّ أمرٍ يَسُوسُ النَّاسَ ويُنفِّذُ فِيهِم أَوَامِرَ
اللهِ سبحانه وتعالى، وَيَدْفَعُ عَنْهُم الأَْذَى والعدوَّ، ويُقيمُ الحدودَ،
وَيمْنَعُ الظَّالِم، ويردُّ الْحُقُوقَ إلى أَصْحَابِهَا، ولا يكونُ كلُّ هذا
إلاَّ بِوُجُودِ وليِّ الأَمْر، ولا يكونُ وليُّ الأَمْرِ إلاَّ بالسَّمعِ
وَالطَّاعَة؛ ولهذا قال جل وعلا: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ
وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ﴾
[النِّسَاء: 59].
وقوله صلى الله عليه وسلم: «وإنْ كان عبدًا حبشيًّا»، أَي: لا
تَحْتَقِرُوا وليَّ الأَمْر ولا تُهوِّنوا من شَأْنِه، أو تَسبُّوه عند النَّاسِ
إن كان ممَّن نَسَبُه وضيعٌ عِنْدَكُم، فلا يُنظَر إلى نَسَبِه وإنَّما يكونُ
النَّظرُ في هذا إلى الْمَنْصِب، فَالإِْنْسَانُ سَوَاءٌ كان حرًّا أو عبدًا
فإنَّه إذا ما تولَّى أَمْرَ الْمُسْلِمِين فإنَّه يُنظَرُ إلى مَنْصِبِه فتَجِبُ
طاعتُه، وتَحرُم مُخَالَفَتُه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّه من يَعِشْ مِنْكُم» أَي: من سَتَطُول به الْحَيَاة، وهذا