×
شرح أصول الإيمان

 خَبَرٌ منه صلى الله عليه وسلم «فَسَيَرَى اختلافًا كثيرًا» وهذا أيضًا خَبَرٌ من بابِ التَّحْذِير، بِأَنَّه سَيَكُون في ذلك الزَّمَان اخْتِلاَفٌ وَاسِعٌ عمَّا عَلَيْه الْوَضْع الآْن، وإذا ما حَصَل هذا الاِخْتِلاَفُ فلا عَاصِمَ منه، ولا شَيْء يُمْكِن أن يُنجي منه سِوَى الْعَوْدَة إلى كتابِ اللهِ تعالى وسُنةِ نبيِّه صلى الله عليه وسلم والتمسُّكِ بِهِمَا.

وَلَهَذَا قال صلى الله عليه وسلم: «فَعَلَيْكُم بسُنَّتي» فهي سَبِيلُ النَّجَاة «وسُنَّة الْخُلَفَاء الرَّاشِدِين المهديَّين من بَعْدِي» وهم أَبُو بَكْر وَعمرُ وعثمانُ وعليٌّ رضي الله عنهم، فهؤلاء هُم الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُون المهديُّون، وَعَمَلُهُم حُجَّةٌ وسُنَّةٌ تُتَّبع؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «فَعَلَيْكُم» وهي كلمةُ حَثٍّ، مَعْنَاهَا: الزَموا سُنَّتي كقولِه تَعَالَى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ عَلَيۡكُمۡ أَنفُسَكُمۡۖ [الْمَائِدَة: 105]؛ أَي: الْزَمُوا أنفُسَكم.

وقوله صلى الله عليه وسلم: «تَمسَّكوا بها» زِيَادَة تَأْكِيد لِقَوْلِه: «فَعَلَيْكُم» وَزَاد تأكيدًا صلى الله عليه وسلم وَقَال: «عَضُّوا عليها بالنَّواجذ» وَالنَّوَاجِذ: الأَْضْرَاس.

وهذا مِثَالٌ لِلَّذِي وَقْعَ في مُصِيبَةٍ أو مَهْلَكة، أو كَالْغَرِيقِ المُمْسِكِ بالحَبْلِ الذي هو سَبِيلُ نَجَاتِه حَال خَوْفِه أن يُفْقَدَ هذا الحَبْل فإنَّه يَعَضُّ عَلَيْه بِأَسْنَانِه وَأَضْرَاسُه؛ إذ لو أفْلَتَ منه هذا الحَبلُ لَهَلَك، فلا نَجَاةَ له بعد اللهِ إلاَّ هذا الحَبْل، فهو من شدَّةِ خَوْفِه وَحِرْصِه عَلَيْه، فإنَّه يَعَضُّ عَلَيْه بأضراسِه ولم يَكتفِ بأنْ يُمسِكَه بِيَدَيْه خوفًا من أن يَنفلتَ منه؛ فقد شبَّه صلى الله عليه وسلم الذي يَقَع في الْفِتَنِ وَحَاجَتِه للتمسُّكِ بالسُّنةِ كَحَاجَةِ الْغَرِيقِ لأن يتمسَّك بالحَبْل وَإِلاَّ فإنَّه لَن يَنْجُو؛ وهذا تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ منه صلى الله عليه وسلم.

ثُمَّ قال صلى الله عليه وسلم: «وإياكم وَمُحْدَثَات الأُْمُور» وفي هذا تَحْذِيرٌ منه صلى الله عليه وسلم من


الشرح