×
شرح أصول الإيمان

 أو الْخَبَر، فلا يَنْبَغِي لِلْمَرْء أن يَقْتَصِر على فَهْمِه، أو أنْ يظُنَّ أنَّ هذا الْحَدِيث لا يُفهم مَعْنَاه؛ لأنَّ هناك من يَفْهَم مَعْنَاه.

الْمَسْأَلَة الثَّانِيَةُ: تَتَمَثَّل في قوله صلى الله عليه وسلم: «ثَلاَثٌ لاَ يُغِلُّ عَلَيهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ: إخْلاَصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ، وَالنَّصِيحَةُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ، فإنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ» فَقوله صلى الله عليه وسلم: «ثَلاَث» أي: ثَلاَث خِصَالٍ «لا يُغِلُّ» من الغِلِّ: وهو الْحِقْد «عليهنَّ قَلبُ مُسْلِمٍ» بِمَعْنَى أنَّ هذه الثَّلاَثَ خِصَالٌ تُطهِّر قَلْبَ الْمُسْلِم من الغِلَّ الذي هو الْحِقْد والبُغضُ لِلْمُسْلِمِين.

الْخَصْلَة الأُْوْلى: «إخْلاَص الْعَمَل لِلَّه» وهي مما يُطهِّر القلبَ من الْحِقْد، وَيَجْمَع الْقُلُوب، فإنَّ الْقُلُوب إنَّما اجْتَمَعَت على التَّوحيد، فالله جل وعلا ألَّف بين قُلُوب الْمُسْلِمِين بِكَلِمَة لا إلَه إلاَّ الله، فلمَّا صَار الْمَعْبُود واحدًا، تألَّفت قُلُوبهم، ولمَّا كانوا يَعْبُدُون آلهةً مُتفرِّقة تعادَوا فِيْمَا بَيْنَهُم؛ فَالتَّوْحِيد الذي هو إخْلاَص الْعِبَادَة لِلَّه يُوحِّد الْقُلُوب وَيَجْمَعُهَا على مَعْبُودٍ وَاحِدٍ وعلى عِبَادَةٍ وَاحِدَةٍ؛ فَيَجِب أن يكون الْعَمَل خالصًا لِلَّه خاليًا من الشِّرك، فلا يُعبَد اللهُ ويُعبَد مَعَه غَيْرُه، فيُذبَح ويُنذَر لِغَيْر الله، ولا تَجُوز الاِسْتِغَاثَة بالأَموات وَالأَْوْلِيَاء والصَّالحين؛ لأنَّ هذا لا يكون فيه إخْلاَص لِلَّه عز وجل، والله جل وعلا لا يَقْبَل من الأَْعْمَال إلاَّ ما كان خالصًا لِوَجْهِه وصوابًا على سُنَّة رَسُولِه صلى الله عليه وسلم، وأمَّا ما كان فيه شِرْكٌ فإنَّ الله لا يَقْبَلُه ولا يَقْبَل من الْمُشْرِك عِبَادَةً ولا عَمَلاً، فَيَحْبَط عَمَل الْمُشْرِك ولا تَبْقَى له عِبَادَةٌ ولا أجرٌ عند الله عز وجل.


الشرح