وَلَهَذَا يَنْبَغِي تَقْدِير طَالِب الْعِلْم وَأَهْلُ
الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ، وَعَدَم ازدرائهم، أو اتِّهَامِهِم بِالْغَفْلَة
لأَنَّهُم تَرَكُوا ما يَحْتَاجُونَه من أُمُور الصِّنَاعَات والحِرَفِ
والمهاراتِ؛ فهؤلاء يُعظِّمون أَمْر الدُّنيا على أَمْر الآخرة.
وهناك فَرِيقٌ آخَرُ من المُتصوِّفة الذين يُزهِّدون
النَّاس في طَلَب الْعِلْم ويقولون: الْمَطْلُوب هو الْعَمَل وَالْعِبَادَةُ
والذِّكْرُ، وهؤلاء أشدُّ خطرًا من الصِّنف الأوَّلِ، ويتحصَّل من هذا فَرِيقَان:
فَرِيقُ المُنحلِّين والزَّنادقةِ، وَفَرِيقُ أَصْحَاب الضّلال من المتصوِّفة.
وقَوْلُه: «وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ
فِي الأَْرْضِ وَالْحِيتَانُ فِي جَوفِ الْمَاءِ» يَسْتَغْفِرُون له؛ لأَنَّه
إذا نَشَرَ العِلْمَ أَصْلَح الله به الأرضَ ودرَّت الخيراتُ وَالْبَرَكَاتُ
وَالأَْمْطَارُ فتَشْبَع الْبَهَائِم وَالْحِيتَانُ في الْبَحْر وَالْمَخْلُوقَاتُ
جميعًا من الطَّيْر وَغَيْرِهَا، فكُلُّ هذا يَحْصُل بِبَرَكَة نَشْرِ الْعِلْم
والدِّين في الأَرْض، فَيَأْتِي لهذه الْحَيَوَانَات رِزْقُهَا فَتَسْتَغْفِر
لِهَؤُلاَء الذين كانوا سببًا في حُصُول الْخَيْر لَهَا.
وقَوْلُه: «وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ
البَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ» هذا فيه فَضْلُ الاِشْتِغَال بِالْعِلْم
على الاِشْتِغَال بِالْعِبَادَة، وفي هذا أيضًا ردٌّ على المتصوِّفة الْقَائِلِين:
إن الاِشْتِغَال بِالْعِبَادَة أَفْضَل من الاِشْتِغَال في تَحْصِيل الْعِلْم.
وَلَكِن يتَّضح فَضْل الْعِلْم على الْعِبَادَة من حيث إنَّ نَفْع الْعِلْم يتعدَّى إلى كافَّةِ الخَلْق، فَالْعِلْم مثل الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر الذي يُضئ الْكَوْن فيُساعد
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد