وعن
عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يُوْشِكُ
أَنْ يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لاَ يَبْقَى مِنَ الإِْسْلاَمِ إلاَّ اسْمُهُ،
وَلاَ يَبْقَى مِنَ الْقُرْآنِ إِلاَّ رَسْمُهُ، مَسَاجِدُهُمْ عَامِرَةٌ وَهِيَ
خَرَابٌ مِنَ الْهُدَى، عُلَمَاؤُهَا شَرُّ مَنْ تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ، مِنْ
عِندِهِمْ تَخْرُجُ الْفِتْنَةُ وَفِيْهِمْ تَعُودُ». رَوَاه الْبَيْهَقِيُّ في
«شُعَب الإِْيمَان» ([1]).
****
أَرْوَاحِهِم
حَلَّ مَحَلَّهُم المُتعالمون الْجُهَّالُ، فَتُعْرَض عَلَيْهِم الْمُشْكِلاَتُ
وَالْمَسَائِلُ فَيُفْتُون بِغَيْر عِلْمٍ، وهذا ما سَبَق في كَلاَم ابْنِ
مَسْعُودِ رضي الله عنه في حثِّه لِلاِسْتِعْدَاد بِالتَّسَلُّح بِالْعِلْم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: «فَضَلُّوا» لأَنَّهُم أَفْتَوْا بِغَيْر
عِلْمٍ «وَأَضَلُّوا» غيرَهم،
فَتَحْصُل منهم جريمتان في أَنْفُسِهِم وفي غَيْرِهِم.
فَلا تَجُوز الْفَتْوَى بِغَيْر عِلْمٍ، ولا التَّخرُّص
أو الاِعْتِمَادِ على الظَّنِّ، والله جل وعلا أَنْزَل الْكِتَاب وَالسُّنَّةَ
وسيأتي زَمَانٌ يُفْقَد فيه الذين يُفْتُون على ضَوْئِهِمَا، ولا يَبْقَى إلاَّ
الْقُرَّاء وَالرُّءُوسُ الْجُهَّالُ في الْقَضَاء وَالْمَنَاصِبِ التي يعتلونها
والتي يُظَنَّ بِسَبَبِهَا أَنَّهُم من أَهْل الْعِلْم، إلاَّ أَنَّهُم يُفْتُون
بِغَيْر عِلْمٍ.
وَلَهَذَا يُرْوَى عن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله
عنه: «تَفَقَّهُوا قَبْلَ أن تَسُودُوا»
([2])،
يعني: تَعَلَّمُوا قبل أن تَتَوَلَّوْا الْمَنَاصِب وَالْمَرَاتِبَ.
قوله صلى الله عليه وسلم: «يُوْشِكُ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى النَّاس زَمَانٌ» يُوْشِك: من أَفْعَال الشُّرُوع، يعني: يقرُب أن يَأْتِي على النَّاس وَقْتٌ «لا يَبْقَى مِنَ الإِْسْلاَمِ إلاَّ اسْمُهُ» وهذا وَاقِعٌ في زَمَانِنَا؛ لأنَّ الذين يَنْتَسِبُون لِلإِْسْلاَم
([1]) أخرجه: البيهقي في «الشعب» رقم (1908).