كما أنّ هناكَ
طائِفَةً غلَتْ في الوَلاءِ والبَرَاءِ حتَّى خلَطَتْ بيْنَهُ وبينَ التَّعامُلِ
المُباحِ مع الكُفّار، وخلطَتْ بينَهُ وبيْنَ الوفاء بالعهودِ وإعطاءِ الأمان
للكُفّار وعقد الذِّمَّة معَهُم وتحْرِيم الغَدْرِ بالمُعَاهَدِ والذِّمِّيِّ
والمُسْتَأْمَنِين، وخلَطَتْ بَيْنَ وجُوب البِرِّ بالوالدِ الكافر، والبِرّ بِمَن
أحسَنَ إلى المُسلمين من الكُفّار، خلطَتْ بينَ ذلِكَ وبينَ الوَلاء والبراءِ، فلم
يَمِيزُوا هذا مِن هذا، وكلا الطائفتينِ - الذينَ أنكَرُوا الولاءَ والبَرَاءَ
والذين غلَوْا فيهما - كِلاهما ضالٌّ عن سواءِ السَّبِيل، وخيْرُ الأمورِ
أوْسَطُها، وهو التفريقُ بين ما فرَّق اللهُ والجمعُ بين ما جمَعَ اللهُ، وهذا
يحتاجُ إلى تَفَقُّهٍ في دِينِ الله، وتجَنُّب للهَوى الذي يُضِلُّ عن سَبِيلِ
اللهِ؛ لِئَلاَّ يَضِلَّ الإنسانُ عَن دينِهِ وهُوَ لا يَشْعُر.
إنّ الذين يُنادون
بِحَذْفِ الولاءِ والبَرَاءِ من المناهجِ الدِّرَاسِيَّة، ومِن كُتُب العقيدةِ لن
يستطيعوا حَذْفَهُمَا مِن كتابِ اللهِ وسُنَّةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ؛
لأنّ اللهَ سبحانه قال: ﴿إِنَّا
نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ﴾ [الحجر: 9]،
وإنَّما هُم كما قال الشاعر:
كناطِحٍ صخرةٍ يومًا
ليُوهِنَها *** فلم يضُرَّها وأوْهَى قَرْنَهُ الوعلُ
وكما قال الإمام
ابنُ القيم رحمه الله في النُّونِيَّة:
أتُحِبُّ أعداءَ
الحَبِيبِ وتَدَّعِي *** حُبًّا لَهُ مَا ذاكَ في إِمْكانِ
وَكذا تُعادِي جاهدًا
أحبابَهُ *** أينَ المحَبَّةُ يا أخا الشَّيْطانِ؟
وقال الله تعالى: ﴿لَّا تَجِدُ قَوۡمٗا
يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ يُوَآدُّونَ مَنۡ حَآدَّ ٱللَّهَ
وَرَسُولَهُۥ وَلَوۡ كَانُوٓاْ ءَابَآءَهُمۡ أَوۡ أَبۡنَآءَهُمۡ أَوۡ
إِخۡوَٰنَهُمۡ أَوۡ عَشِيرَتَهُمۡۚ﴾ [المجادلة: 22]، إن الذينَ يَدْعُونَ إلى مَحَبَّةِ
الكُفَّارِ هم محادُّونَ للهِ ورسُوله، وليسَ في قلُوبِهِم إيمانٌ قويٌّ يحمِيهم
مِن ذلك، أو ليسَ معهم إيمانٌ أصلاً؛ لأنّ اللهَ قال: ﴿لَّا تَجِدُ قَوۡمٗا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد