تنقيةُ النَّبيِّ
صلى الله عليه وسلم للحجِّ منْ تصَرُّفاتِ الجَاهليَّةِ
وإعادته على ملَّةِ
إبراهيم
الحمدُ للهِ،
والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ، وعلى آلِه وصحبِه وبعدُ:
فقد فَرَضَ اللهُ
الحجَّ في آخرِ حياةِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فحجَّ صلى الله عليه وسلم
حجَّةً واحدةً في السَّنَةِ العاشرةِ من الهجرةِ وعلّمَ النَّاسَ مناسكَ الحجِّ
بفعْلِه وبقولِه: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» ([1])، ونقَّى الحجَّ
ممَّا أحدَثَه فيهِ أهلِ الجَاهليَّةِ وأعادَهُ على مِلَّةِ إبراهيمَ وذلك في
مسائلَ:
المسألة الأولى: كانَ الْجاهليُّونَ يَمْزِجونَ الحجَّ بالشِّرْكِ وكانَ لهم فوقَ الكَعبةِ وحولَها ثَلاثُمائةٍ وستُّونَ صَنمًا يتقرَّبون إليها بالعِبادةِ والدُّعاءِ فأزالَها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وطهَّرَ البيتَ وما حولهُ منها وهو يقولُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا»([2]). كانوا يقولونَ في تلبِيَتِهم: «(لَبَّيْكَ لا شَريكَ لك إلاَّ شَريكًا هو لكَ تَمْلِكُهُ وما مَلَكَ»)، فقالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ، إِنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالمُلْكَ، لاَ شَرِيكَ لَكَ» ([3])، ومنَعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم المشركينَ منَ الحجِّ امتِثالاً لقولِ اللهِ تعَالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡمُشۡرِكُونَ نَجَسٞ فَلَا يَقۡرَبُواْ ٱلۡمَسۡجِدَ ٱلۡحَرَامَ بَعۡدَ عَامِهِمۡ هَٰذَاۚ وَإِنۡ خِفۡتُمۡ عَيۡلَةٗ فَسَوۡفَ يُغۡنِيكُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦٓ إِن شَآءَۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٞ﴾ [التوبة: 28].
([1])أخرجه: مسلم رقم (1297).
الصفحة 1 / 463
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد