×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثالث

تنقيةُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم للحجِّ منْ تصَرُّفاتِ الجَاهليَّةِ

وإعادته على ملَّةِ إبراهيم

الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ، وعلى آلِه وصحبِه وبعدُ:

فقد فَرَضَ اللهُ الحجَّ في آخرِ حياةِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فحجَّ صلى الله عليه وسلم حجَّةً واحدةً في السَّنَةِ العاشرةِ من الهجرةِ وعلّمَ النَّاسَ مناسكَ الحجِّ بفعْلِه وبقولِه: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» ([1])، ونقَّى الحجَّ ممَّا أحدَثَه فيهِ أهلِ الجَاهليَّةِ وأعادَهُ على مِلَّةِ إبراهيمَ وذلك في مسائلَ:

المسألة الأولى: كانَ الْجاهليُّونَ يَمْزِجونَ الحجَّ بالشِّرْكِ وكانَ لهم فوقَ الكَعبةِ وحولَها ثَلاثُمائةٍ وستُّونَ صَنمًا يتقرَّبون إليها بالعِبادةِ والدُّعاءِ فأزالَها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وطهَّرَ البيتَ وما حولهُ منها وهو يقولُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا»([2]). كانوا يقولونَ في تلبِيَتِهم: «(لَبَّيْكَ لا شَريكَ لك إلاَّ شَريكًا هو لكَ تَمْلِكُهُ وما مَلَكَ»)، فقالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ، إِنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالمُلْكَ، لاَ شَرِيكَ لَكَ» ([3])، ومنَعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم المشركينَ منَ الحجِّ امتِثالاً لقولِ اللهِ تعَالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡمُشۡرِكُونَ نَجَسٞ فَلَا يَقۡرَبُواْ ٱلۡمَسۡجِدَ ٱلۡحَرَامَ بَعۡدَ عَامِهِمۡ هَٰذَاۚ وَإِنۡ خِفۡتُمۡ عَيۡلَةٗ فَسَوۡفَ يُغۡنِيكُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦٓ إِن شَآءَۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٞ [التوبة: 28].


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (1297).

([2])أخرجه: البخاري رقم (4720)، ومسلم رقم (1781).

([3])أخرجه: البخاري رقم (1549)، ومسلم رقم (1184).