التَّكفِير
وضوابِطُه
الحمدُ لله وحده.
والصلاةُ والسلامُ على نَبِيِّنا محمدٍ وآله وصحْبِه، وبعدُ:
فالتكفيرُ معناه: الحُكْمُ على مسلمٍ
بالكُفرِ لسببٍ من الأسبابِ المُقْتَضِيَة لذلك، والنَّاسُ في هذا البابِ طرفانِ
ووسط.
فالطرفُ الأوَّلُ: الخوارجُ قديمًا
وحديثًا، الذين يغْلُون في التكفيرِ، فيُكَفِّرُون المسلمين بكبائرِ الذُّنوب التي
هي دُون الشِّرك والكُفر، وهذا مَذْهَب باطِلٌ؛ لأنَّ اللهَ تعالى يقولُ: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ
أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ﴾ [النساء: 48]،
ويقولُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عنْ رَبِّهِ عز وجل أنهُ قالَ: «يَا ابْنَ
آدَمَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لاَ
تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً» ([1])وقُرابُ الأرضِ: مِلْؤُها أو ما
يُقارِبُ مِلأَها.
والطرف الثاني: مَنْ يَرَى أنَّ المُسلمَ لا يَكْفُرُ، ولو عَمِلَ ما عَمِلَ مِن: فِعْلِ المُحَرَّمَاتِ وتَرْكِ الواجباتِ، ما دامَ أنَّهُ مُصَدِّقٌ في قلْبِهِ بِاللهِ ودِينِه؛ لأنَّ الإيمانَ عندَهُم هو التصديقُ بالقلبِ، ولا يدخلُ في تعريفهِ وحقيقتِه العملُ، وهذا مذهبُ المُرجِئَة قديمًا وحديثًا، ويتبَنَّاهُ اليومَ كثيرٌ مِنَ الكُتّاب الَّذِين لم يَدْرُسُوا عقيدَةَ السَّلَفِ، فيَرَوْنَ أنَّهُ لا يَجُوزُ التَّكْفِيرُ مُطْلقًا؛ لأنَّهُ عِندهم تشَدُّدٌ وغلُوٌّ وتَطرُّفٌ، ولو ارتكبَ الإنسانُ كُلَّ النَّوَاقِضِ حتَّى إِنَّهُمْ لا يكفِّرُونَ اليَهُودَ والنَّصَارَى الذين يكْفُرونَ برسالةِ محمد صلى الله عليه وسلم، ويقولونَ: المَسيحُ ابنُ الله، وعزيرٌ ابنُ الله، ويقولون:
الصفحة 1 / 463
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد