×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثالث

معَ بعضِ آياتِ الحجِّ في الْقُرآنِ الْكَريمِ

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّه الأَمينِ، نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِه وأصحابِه أجمعينَ، أما بعدُ:

فإنَّ الحجَّ إلى بيتِ اللهِ الحرامِ عبادةٌ عظيمةٌ، وشعيرةٌ قديمةٌ منْ عهْدِ إبراهيمَ الخليلِ أو قبلَه، وقدْ جعلَه اللهُ أحدَ أركانِ الإسلامِ لمَنِ استطاعَ إليه سَبيلاً، والحجُّ لهُ وقْتٌ محدَّدٌ كسائرِ العِباداتِ، فقدْ جَعَلَ اللهُ للصَّلاةِ مَواقيتَ، وللصِّيامِ مَواقيتَ، وللحجِّ مواقيتَ، قال اللهُ تَعَالى: ﴿ٱلۡحَجُّ أَشۡهُرٞ مَّعۡلُومَٰتٞۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ ٱلۡحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ [البقرة: 197]، أي: وقتَ الحجِّ في أشْهُرٍ معلوماتٍ، وهي شهرُ شوَّال وشهرُ ذي القعدةِ وعشرُ أيَّامٍ منْ أيَّامِ ذي الحِجِّةِ.

﴿فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ ٱلۡحَجَّ [البقرة: 197]، أي: مَنْ أحْرَمَ في هذهِ الأشهرِ بالحجِّ، وسمى الإحرامَ بالحجِّ فَرْضًا؛ لأنَّ مَنْ أحْرَمَ به وَجَبَ عليه إتْمامُه ولو كانَ نافِلَةً كما قال تَعالى: ﴿وَأَتِمُّواْ ٱلۡحَجَّ وَٱلۡعُمۡرَةَ لِلَّهِۚ [البقرة: 196]، ودلَّتِ الآيةُ الكريمةُ على أنَّ وقْتَ الإحرامِ بالحجِّ يكونُ في هذه الأشهُرِ، فمَنْ أحْرَمَ به في غيرِها فقدِ اختلَفَ العُلماءُ في إحْرامِه هلْ ينعقدُ أم لا؟.

﴿فَلَا رَفَثَ [البقرة: 197]، هذا بيانٌ لما يَتجَنَّبُه المُحْرِمُ في حالِ إحرامِه منَ الأقوالِ والأفعالِ، والرَّفَثُ هو: الجِماعُ ودَواعِيه من النَّظَرِ والكلامِ فيه والخِطبةِ والعَقْدِ، قالَ صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ، وَلاَ يُنْكِحُ، وَلاَ يَخْطُبُ» ([1]) . ﴿وَلَا فُسُوقَ [البقرة: 197]، وهو سَائرُ المَعاصي،


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (1409).