التيسير والتسهيل في
الحج
الحجُّ هو الرُّكنُ
الخامسُ منْ أركانِ الإسلامِ، ولمَّا كانَ أداؤُه يتطلَّبُ تكاليفَ ماليَّةٍ
وبَدنيَّةٍ تأخَّرَتْ فَرْضيَّتُه إلى السنةِ التَّاسعةِ منَ الهجرةِ ولمْ يحجَّ
النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في تلكَ السَّنَةِ؛ نَظرًا لِمَا يُوجدُ في الحَرَمِ
من بَقايَا أعْمالِ الجَاهليَّةِ كالطَّوافِ بالبيْتِ وهُم عُرَاةٌ، وكَمُزاولةِ
بعضِ الأعمالِ الشِّرْكيةِ في الحجِّ، فأنزلَ اللهُ قولَه تعَالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡمُشۡرِكُونَ نَجَسٞ فَلَا يَقۡرَبُواْ ٱلۡمَسۡجِدَ
ٱلۡحَرَامَ بَعۡدَ عَامِهِمۡ هَٰذَاۚ﴾ [التوبة: 28]، فأرسلَ
النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أبا بَكْرٍ رضي الله عنه يحجُّ بالنَّاسِ في السَّنة
التَّاسعةِ وأرسلَ عليًّا رضي الله عنه يُنادي: «أَن لاَ يَحُجُّ بَعْدَ هَذَا
العَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوفُ بِالبَيْتِ عُرْيَانُ»([1]).
ولمَّا طَهُرَ
الحجُّ من الشِّركِ، وطهُرتْ مكَّةُ من وجودِ المُشركينَ، ومُنِعَ التّعَرِّي في
الطَّوَاف حجَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في السنةِ العاشرةِ حجَّةَ
الْوَدَاعِ، وحجَّ معهُ أُلُوفُ المسلمينَ وعلَّمَهم مَنَاسكَ الحجِّ وأحكامَه،
وشَرَحَ لهم قَوَاعدَ الدِّينِ في خطبتِه الْمَشْهورةِ بخُطبةِ حَجَّةِ الوَداعِ
وأنزلَ اللهُ عليهِ وهو واقِفٌ بعرفةَ: ﴿ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ
نِعۡمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَٰمَ دِينٗاۚ﴾ [المائدة: 3]، وقد تَضمّنَ شريعةُ الحجِّ منَ التَّيسيرِ
والتَّسهيلِ على العِبادِ أشَياءُ كثيرَةٌ منْ أهمِّهَا:
1- أنَّ اللهَ جعلَ فَريضتَه مرَّةً واحدةً في العُمُرِ، بينما الصَّلاةُ تَتَكرَّرُ في اليومِ والَّليلةِ خمسَ مرَّاتٍ، والْجُمعةُ كلَّ أسبوعٍ، والزَّكاةُ مرةً في السَّنةِ، وكذا الصَّيامُ، وأمَّا الرُّكنُ الأوَّلُ وهو التّوحيدُ فيُلازِمُ المسلمَ في كلِّ لحظَةٍ منْ حياتِه منذُ سنِّ التَّكليفِ إلى الوَفاةِ.
الصفحة 1 / 463
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد