×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثالث

كَيْدُ الشَّيْطانِ للمُسلمين بواسطةِ المَرأة

إنَّ عداوةَ الشيطانِ للإنسانِ قديمة منذُ عهدِ أبيه آدَمَ عليه السلام، فهو ما زالَ يَكِيدُ لهذا الإنسانِ لإهلاكه كما قال لِرَبِّه: ﴿لَئِنۡ أَخَّرۡتَنِ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ لَأَحۡتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُۥٓ [الإسراء: 62]، ومِن أعظَمِ ما يكيدُ به الشَّيْطانُ للإنسانِ كَشْفُ العَوْرات لِمَا يجِدُ إليه مِنَ الوُقوع في الفاحشةِ وفسَادِ الأخلاق وضَياع الحَياءِ والحِشْمَة، فكادَ لآدَمَ وزَوْجِهِ بالأكْلِ من الشَّجَرَةِ التي نُهِيَ عن الأكلِ مِنها ﴿لِيُبۡدِيَ لَهُمَا مَا وُۥرِيَ عَنۡهُمَا مِن سَوۡءَٰتِهِمَا [الأعراف: 20]، فحصلَتْ مِن آدمَ عليه السلام الخَطِيئَة، ولمَّا عاتبه اللهُ في ذلك تابَ إلى الله؛ فتابَ اللهُ عليه، وقطَعَ خطَّ الرَّجْعةِ على الشَّيْطانِ، لكن بقِيَتْ آثارُ المعصيةِ بإخراجه مِنَ الجنَّةِ، فزادَ ذلك مِن توبةِ آدَمَ إلى رَبِّهِ واجتهادِه في طاعته ﴿ثُمَّ ٱجۡتَبَٰهُ رَبُّهُۥ فَتَابَ عَلَيۡهِ وَهَدَىٰ [طه: 122]، ففاتَ على الشيطانِ غرَضُهُ، وحصلَ لآدمَ مِن الإكرامِ وحُسْنِ العاقبة ما لم يتوقّعْهُ الشيطانُ، وصار كما قيل: رُبَّ ضارةٍ نافعةٌ.

ثُمَّ إنَّ الله سبحانه وجَّه النِّداء إلى بَنِي آدمَ مُحذِّرًا لهُم مِن كيْدِ هذا العَدُوِّ الذي فعلَ مع أبِيهم ما فعلَ أن لا يَفْتِنَهم، ويوقِعَهم في الهلاك عن طريق التَّساهُل في كَشْفِ العورات، وامتنَّ عليهم بلباسَيْنِ يَسْتُرَانِ عوراتِهِمْ: اللِّباس الذي يُوارِي سَوْءَاتهم، ويُجَمِّلُ هيئاتِهم، وهو اللباسُ المحسوسُ الذي يلبَسُونَهُ على أبدانهِم، واللباس الذي يُوارِي سَيِّئَاتِهم، ويُجَمِّلُهم ظاهِرًا وباطنًا، وهو لباسُ التَّقوَى الذي تتحلَّى به قلوبُهم، قال تعالى: ﴿يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ قَدۡ أَنزَلۡنَا عَلَيۡكُمۡ لِبَاسٗا يُوَٰرِي سَوۡءَٰتِكُمۡ وَرِيشٗاۖ وَلِبَاسُ ٱلتَّقۡوَىٰ ذَٰلِكَ خَيۡرٞۚ [الأعراف: 26]، ﴿يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ لَا يَفۡتِنَنَّكُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ كَمَآ أَخۡرَجَ أَبَوَيۡكُم مِّنَ


الشرح