بماذا يتحققُ
الوِفاق وينتهي الخِلاف؟
الحمدُ للهِ ربِّ
العالمين، قال في كتابِه المبين: ﴿وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْۚ﴾ [آل عمران: 103] والصلاةُ والسلامُ على نبيِّنا محمدٍ
الصادقِ الأمين، وعلى آلِه وأصحابِه والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، وبعد:
فإنَّ المؤتمراتِ
والندواتِ تُعقَدُ الآن لجَمعِ كلمةِ المسلمين ونَبذِ الخِلاف منهم وهذا شيءٌ
طَيبٌ دعا اللهُ ورسولُه إليه وأجمعَ المسلمون عليه، ولكن ما هي الوسيلةُ التي
تُحقِّقُه إنها الوسيلةُ الوحيدةُ التي نصَّ اللهُ تعالى عليها بقولِه: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ
مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ
بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا﴾ [النساء: 59] وقال
الرسولُ صلى الله عليه وسلم: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ والسَّمْعِ
والطَّاعَةِ وَإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ
فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ
الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا
بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُْمُورِ؛ فَإنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ
بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ» ([1])، فدَلَّتِ الآيةُ
الكريمةُ والحديثُ النبوي الشريفُ على أنَّه سيكونُ هناكَ اختلافٌ بينَ الأُمةِ وأنَّ
هذا الاختلافُ لا يُحسَمُ إلاَّ بأربعة أُمور:
الأمر الأول: اجتماعُ الكلمةِ
تحتَ طاعةِ وليِّ أمرِ المسلمين وعدمِ الخروجِ عليه إلاَّ إذا ارتكبَ كُفرًا
بَوَاحًا عندَنا عليه من اللهِ سُلطان، أي حُجَّة قاطعة.
الأمر الثاني: أن نَرُدَّ ما اختلفنا فيه إلى كتابِ اللهِ وسُنةِ رسولِه، فما شهِد له الكتابُ والسُّنةُ من الأقوالِ والآراءِ فهو الحقُّ الذي
الصفحة 1 / 463
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد