×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثالث

الاستدلالُ الباطلُ وآثارُه المدمِّرَة

الحمدُ للهِ الذي أرسلَ رسولَهُ بالهُدَى ودينِ الحقِّ، فبلَّغ الرسالةَ، وأدَّى الأمانةَ، وبيَّن للنَّاسِ ما نُزِّلَ إليهِ مِن رَبِّهِ، فصلَّى اللهُ، وسلَّم، وباركَ عليهِ وعلى آلهِ وأصحابِه أعلامِ الهُدَى، ومصابيحِ الدُّجَى، وبعدُ:

قال الله تعالى: ﴿هُوَ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ مِنۡهُ ءَايَٰتٞ مُّحۡكَمَٰتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلۡكِتَٰبِ وَأُخَرُ مُتَشَٰبِهَٰتٞۖ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمۡ زَيۡغٞ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَٰبَهَ مِنۡهُ ٱبۡتِغَآءَ ٱلۡفِتۡنَةِ وَٱبۡتِغَآءَ تَأۡوِيلِهِۦۖ وَمَا يَعۡلَمُ تَأۡوِيلَهُۥٓ إِلَّا ٱللَّهُۗ وَٱلرَّٰسِخُونَ فِي ٱلۡعِلۡمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِۦ كُلّٞ مِّنۡ عِندِ رَبِّنَاۗ [آل عمران: 7]، والمُتَشَابِهُ: هو الذي لا يُعلم المرادُ مِنْهُ حتّى يُرَدَّ إلى غيرِهِ مِنَ النُّصُوصِ، فيُفَسِّرُهُ، والمُحْكَمُ: هو الذي لا يحتاجُ في تفسيرِه إلى غيرِه. وذلك كالمُطْلَق والمُقَيَّد، والخاصِّ والعامِّ، والمُجْمَل والمُبيَّن، والنَّاسِخ والمَنْسُوخ، وهذه مَدارِك لا يعرِفُها إلاَّ الرَّاسِخُونَ في العِلْمِ الذينَ يَرُدُّونَ المُتَشابِه إلى المُحْكَم؛ فَيُفَسِّرُونَهُ بهِ، ويقولون: ﴿كُلّٞ مِّنۡ عِندِ رَبِّنَاۗ، وكلامُ اللهِ يُفسِّرُ بعضُهُ بعضًا، ويوضِّحُ بعضُه بعضًا.

وأمَّا أهلُ الزَّيْغِ والضَّلال: فإنَّهُم يستدلُّونَ بالمُتَشَابِهِ مِنَ الكلامِ، كما قال الإمامُ أحمدُ رحمه الله، ويتركونَ المُحْكَم ابتغاءَ الفِتْنةِ، ويقطعونَ ما أمرَ اللهُ به أن يُوصَلَ، ويُفسِدُونَ في الأرضِ، ويقولونَ: نحنُ استدلَلْنا بالقرآنِ، وهم في الحقيقةِ لم يستدِلُّوا بالقرآنِ، وإنَّما أخذوا طَرَفًا، وتركوا الطَّرَفَ الآخَرَ مثل الذين يستدلُّونَ بقوله تعالى: ﴿فَوَيۡلٞ لِّلۡمُصَلِّينَ [الماعون: 4] على ترك الصلاة، ولا يأتون بالآيةِ التي بعدَها، وهي: ﴿ٱلَّذِينَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ [الماعون: 5]، وقد لا يكونُ هؤلاءِ


الشرح