وجوبُ الانضباط في
الفَتْوَى
الحمدُ للهِ الذي
أرسلَ رسُولَهُ بالهُدَى ودِينِ الحقِّ؛ لِيُظْهِرَهٌ على الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ
كَرِهَ المُشْرِكونَ. والصَّلاةُ والسَّلامُ على عبدِهِ ورسُولِهِ نَبِيِّنا محمد
وعلى آله وأصحابه ومَن تمَسَّكَ بِسُنَّتِهِ إلى يومِ الدِّينِ، وبعد:
فإنَّ اللهَ جعلَ للأُمَّةِ علماءَ وَوُلاةَ أمورٍ يُرْجَعُ إليهم في الأمورِ المُهِمَّةِ العامَّة في أمور الدِّين والدُّنْيا، قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا﴾ [النساء: 59]، وقال تعالى: ﴿وَإِذَا جَآءَهُمۡ أَمۡرٞ مِّنَ ٱلۡأَمۡنِ أَوِ ٱلۡخَوۡفِ أَذَاعُواْ بِهِۦۖ وَلَوۡ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰٓ أُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنۡهُمۡ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسۡتَنۢبِطُونَهُۥ مِنۡهُمۡۗ وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ لَٱتَّبَعۡتُمُ ٱلشَّيۡطَٰنَ إِلَّا قَلِيلٗا﴾ [النساء: 83]، فاللهُ جعلَ المَرَدَّ في الأمورِ العامَّةِ المُهِمَّة إلى وُلاة الأمور مِن الأمراءِ والعلماء في أمور السِّياسةِ وأمور الدِّين، ولم يَجْعَل الأمْرَ فوضَى كُلٌّ يتناوله برأيه؛ لأنَّ هذا مَدْعاة للاختلاف والفُرْقَةِ وضياعِ الأمورِ والبَلْبَلَةِ؛ ولهذا قال العلماءُ: حُكْمُ الحاكِمِ يرفَعُ الخِلاف، ولو أنَّ الناسَ ساروا على ما رسَمَهُ الله لهم في هذه الآياتِ وفي غيرها لارتفع الخلافُ، وحصلَ الوِفاقُ، واجتمَعَتِ الكلمةُ، وهذا مُلاحظ - بِحَمد الله - في هذه البلاد لما كانت تسيرُ على هذا النهْجِ، إلاَّ أنَّنا - وللأسف - نَرَى في هذه الفترةِ القريبةِ بعضَ النَّاسِ يريدونَ تغْيِيرَ هذا المَسار، ويُبْدُونَ آراءَهُم في أمورٍ ليس مِن شأنِهم إبداءُ الرَّأي فيها، ويشَوِّشُونَ على النَّاس في أمور عباداتِهم.
الصفحة 1 / 463
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد