الأمنُ وأسبابُ
توفُّرِهِ وأسبابُ تعثُّرِه وتغيُّره
الأمنُ ضدُّ الخوفِ،
وهو مَطلبٌ عظيمٌ للأفرادِ والجماعاتِ والدُّوَل؛ لأنها لا تطيبُ الحياةُ بِدُون
الأمن، ولا تستقرُّ الأوضاعُ إلاَّ إذا توفَّرَ الأمنُ؛ ولهذا قدَّمه إبراهيمُ
عليه السلام في دعائِهِ على الرِّزق حين قال فيما ذكرَهُ الله عنه: ﴿رَبِّ ٱجۡعَلۡ هَٰذَا بَلَدًا
ءَامِنٗا وَٱرۡزُقۡ أَهۡلَهُۥ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ﴾ [البقرة: 126]،
وامتنَّ اللهُ على قريشٍ أن وفَّر لهم الطَّعامَ من الجُوعِ والأمنِ من الخوفِ،
فقال سبحانه: ﴿فَلۡيَعۡبُدُواْ
رَبَّ هَٰذَا ٱلۡبَيۡتِ ٣ ٱلَّذِيٓ
أَطۡعَمَهُم مِّن جُوعٖ وَءَامَنَهُم مِّنۡ خَوۡفِۢ﴾ [قريش: 3، 4]، وقال
النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَاتَ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي
بَدَنِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا»([1]).
وقدَّمَ الأمنَ على
الرِّزقِ؛ لأنَّ الإنسانَ لا يهنأ بالرِّزق مع عدمِ الأمنِ، ولا يتَمَكَّن من
طلبِه، فالأمنُ مَطلبٌ عظيمٌ تسعى لتوفيره كافَّةُ الأمم، ولكن بماذا يتوفَّر؟ هل
يتوفَّرُ بقُوَّة البطشِ والظُّلم والجبروت؟ هل يتوفَّرُ بقُوَّة الأسلحة ودِقَّة
المُخابرات وكثرة التِّقْنيَّات؟ كلا، لا يتوفَّر الأمن بمُجرد توفُّر هذه الأشياء
مهما بلغَتْ، فكم عند الدُّوَل الحديثة مِن هذه التِّقْنِيّاتِ الهائلة، ولم
يتوفَّر عندها الأمنُ؛ لأن هذه التقنياتِ لا تكفي بفردِها دون توفُّر ما ذكرهُ
اللهُ مِنَ الأسبابِ الرئيسةِ للأمن، وهي:
أولاً: توحيدُ اللهِ سُبحانه بعبادتِه وحده لا شريك له كما قال تعالى: ﴿فَلۡيَعۡبُدُواْ رَبَّ هَٰذَا ٱلۡبَيۡتِ ٣ ٱلَّذِيٓ أَطۡعَمَهُم مِّن جُوعٖ وَءَامَنَهُم مِّنۡ
([1])أخرجه: الترمذي رقم (2346).
الصفحة 1 / 463
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد