رُبَّ ضارَّةٍ
نافعَةٍ
الحمدُ للهِ الَّذي
يَقْذِفُ بالحقِّ على الباطِلِ فيَدْمَغُه فإذَا هو زاهِقٌ، والصَّلاةُ والسَّلامُ
على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِه، وبعدُ:
كثُرَ كلامُ
الكفَّارِ عمَّا يُسَمُّونه دِيمُقْراطيَّةً وفرضها على النَّاسِ وظنَّ بعضُ
المُغَفَّلينَ أنَّهم يُريدونَ إِشَاعةَ العَدْلِ ومَنْعَ الظُّلْمِ، فربَّما
أيَّدوا هذهِ الفِكْرَةَ لكنَّها لمْ تَلبثْ أنْ تكشَّفَتْ حَقيقتُها بأنَّها
الظُّلْمُ نَفْسُهُ!! بل هي أشدُّ الظُّلْمِ حينما غَزُوُا النَّاسَ في بلادِهم
لنَهْبِ ثَرَواتِهم والتَّلاعُبِ بِمُقدَّراتِهم ودَكِّ بيوتَهم على رُؤوسِهم
وتَدْميرِ مُمْتلكاتِهم وإِزالةِ حُكوماتِهم ونَشْرِ الفَوْضى بينَهم والإخلالِ
بأَمْنِهم واسْتِقْرارِهم، وحينئِذٍ تبيَّنَ للمَخْدُوعينَ ما تَنُمُّ عنْهُ هذه
الدِّيمُقراطِيَّةُ وتَمَنُّوا التَّخَلُّصَ منها ولكن هيهاتَ، ولعلها تكونُ
مَوْعظةً لِلْمستقبَلِ بأنْ لا نَتَقَبَّلُ الأفكارَ الوافِدَةَ على عِلاَّتِها
ونَعلمُ أنَّ عَدُوَّنا لا يريدُ لنَا الخيرَ أبدًا كما قَال تَعَالى: ﴿مَّا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ
كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ وَلَا ٱلۡمُشۡرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيۡكُم
مِّنۡ خَيۡرٖ مِّن رَّبِّكُمۡۚ﴾ [البقرة: 105]، فَهُم يريدونَ مَنْعَ فَضْلِ اللهِ
عنَّا لو استَطاعوا، ولِهذا قَال سُبْحانَه: ﴿وَٱللَّهُ يَخۡتَصُّ بِرَحۡمَتِهِۦ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو
ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ﴾ [البقرة: 105]، فلا مَانِعَ لمَا أعْطى ولا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعَ ﴿مَّا يَفۡتَحِ ٱللَّهُ
لِلنَّاسِ مِن رَّحۡمَةٖ فَلَا مُمۡسِكَ لَهَاۖ وَمَا يُمۡسِكۡ فَلَا مُرۡسِلَ
لَهُۥ مِنۢ بَعۡدِهِۦۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ﴾ [فاطر: 2]، وهذا
حقٌّ لا مِرْيَةَ فيه، ولكنْ علينا أنْ لا نَنْخدِعَ بِوُعودِ الكُفَّارِ ولا
نَخَافُ مِن وَعِيدِهم؛ بل نُعَلِّقُ أَمَلَنا ورَجاءَنا باللهِ ونعمَلُ بطاعَتِه
ونَتجنَّبُ معصيتَه، ونَتَمَسَّكُ بدينِه ونَتَوكَّلُ عليه فهو حَسْبُنا ونِعْمَ
الْوَكيلُ ﴿مَّا
يَفۡتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحۡمَةٖ فَلَا مُمۡسِكَ لَهَاۖ وَمَا يُمۡسِكۡ
فَلَا مُرۡسِلَ لَهُۥ مِنۢ بَعۡدِهِۦۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ﴾ [فاطر: 2].
الصفحة 1 / 463
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد