التَّعالُم وآثارُه
الخطيرة على الأُمَّة
الحمدُ لله.
والصَّلاةُ والسلامُ على نَبِيِّنَا محمد وآله وصحْبِه ومَن وَلاهُ، وبعد:
فلابُدَّ للأُمَّةِ
من العِلم والعلماء؛ لأنَّ اللهَ سبحانه بعثَ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم
وأنزلَ القرآنَ هدًى للناسِ وبيِّنات مِن الهُدَى والفُرقان، قال تعالى: ﴿هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ
رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ﴾ [التوبة: 33]، والهُدَى:
هو العِلم النَّافِع، ودِين الحَقّ: هو العملُ الصَّالِح. فالرسولُ صلى
الله عليه وسلم بُعِثَ بالعلمِ والعمل، وإذا رُفِعَ العلمُ بقَبْضِ العلماءِ
اتَّخَذَ الناسُ رُؤوسًا جُهَّالاً، فأفتُوا بغيرِ علمٍ، فضَلُّوا وأضَلُّوا - كما
أخبرَ النبِيُّ صلى الله عليه وسلم -.
والعلمُ لا يحصُل إلاَّ بالتعَلُّمِ والتَّلَقِّي عَنِ العُلماء، قالَ الله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةٗۚ فَلَوۡلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرۡقَةٖ مِّنۡهُمۡ طَآئِفَةٞ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوۡمَهُمۡ إِذَا رَجَعُوٓاْ إِلَيۡهِمۡ لَعَلَّهُمۡ يَحۡذَرُونَ﴾ [التوبة: 122]، لا يُؤْخَذُ العِلْمُ مِن مُجَرَّدِ الكُتُبِ بِدُونِ قراءَتِها على العُلماءِ وتلقِّي شَرْحِها وبيانِها مِنهُم، ولا يُؤخذُ العِلمُ عن المُتعالِمين الَّذِين يأخذُونَ عِلْمَهُم عَن الأوراقِ، ويَشْرَحُونها مِن أفكارِهم وأفهامِهم، فالتَّعالُمُ معناه: ادّعاءُ العِلم نتيجةً للاقتصارِ على مُطالعةِ الكُتُبِ، ومِثل هذا يُقالُ لهُ: الجَهْلُ المُرَكَّب، وهُوَ الذِي يجهلُ ولا يَدْرِي أنه جاهِلٌ، بل يظنُّ نفسَهُ عالمًا، وكم جنَتْ هذه الطريقةُ على الأُمَّةِ قديمًا وحديثًا من الويلاتِ، فأوَّلُ خِريجي مدرسة التَّعالُم همُ الخوارجُ الذين كَفَّرُوا الصحابةَ، وقاتلُوهم، وقتَلُوا عثمان وعليًّا وطلحةَ والزُّبَيْر وغيرهم من الصَّحابةِ، ولا تزالُ أفواجُ خِريجِي هذه المدرسةِ يتوَالَى خروجُها
الصفحة 1 / 463
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد